بقلم هشام بيتاح
مرت على تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ما يقارب اربع سنوات، من الاحتجاج السلمي تدحرج بين وقفات محلية وجهوية واخرى مسيرات وطنية وهي مدة كافية لتقييم هذه التجربة النضالية وجرد الحصيلة التي راكمتها بعد تفجير معركة نضالية استمرت لسنوات، اتسمت بانضباط منخرطيها وتفاعلهم مع نداءات التنسيقية، فكانت أبرز النتائج استشهاد المناضل عبدالله حجيلي، واقتطاعات متواصلة من أجور الأساتذة، ناهيك عن المتابعات القضائية الكيدية لعدد من منسقيها.
لكن ما يثير الانتباه اكثر هو طريقة فض تجمعات الأساتذة المتعاقدين في أكثر من مناسبة، وتجاوب الدولة مع مطالب هذه الفئة من خلال نهج سياسة غلق الحوار من جديد، واعتماد الوزارة الوصية خطاب القوة والتجاهل في أكثر من مناسبة، والتي اتسمت بالافراط واستعمال القوة ونقل أساتذة إلى مخافر الشرطة… وهو ما يعد ضربا صارخا للحقوق وتناقضا واضحا عن خرجات الدولة عن الواقع الحقوقي بالمغرب، ناهيك أن نظام التعاقد انطلق بتجربة عشوائية على الأساتذة المتعاقدين واعتماد قطاع التعليم اول قطاع سيخضع للتعاقد، وهو ما يراه الاساتدة المتعاقدين استهدافا مباشرا في حقهم.
فالاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد لم يقتصروا فقط على استغلال ايام العطل لتنظيم انزالات وطنية، بل انطلق النشاط النضالي للتنسيقية بمقاطعة مجالس التدبير والمجالس التربوية والمجالس التعليمية، باستثناء مجالس الأقسام، وكذا مقاطعة لقاءات المفتشين وباقي التكوينات والبرامج حضوريا وعن بعد، مع تجميد أنشطة النوادي التربوية، وكل ما يتعلق بأنشطة الحياة المدرسية” مما سيؤثر سلبا على مردودية التحصيل العلمي خاصة في شقه المتعلق بالجانب الثقافية والترفيهية والرياضية للتلاميذ.

وعلى شاكة الانزال الوطني الذي دعت إليها التنسيقية يوم 26 يناير الماضي في مسيرتي الأقطاب بكل من الدار البيضاء وإنزكان، قررت التنسيقية الوطنية “استثمار العطلة البينية التي انطلقت 14 من مارس لتنظيم إنزال وطني لمدة يومين في الرباط العاصمة، للتنديد من جديد بواقع المدرسة العمومية والمطالبة بإسقاط التعاقد.
إن خيار التعاقد ما هو إلا واجهة لسياسة اقتصادية وإدارية فظيعة يراد لها أن تمارس على هذا الجيل من الأساتذة والذي يرفض ان يكون قطيعا يساق، أو فئران تجارب يقطع لحمها وهي صاغرة.
تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ملأت فراغاً رهيباً كانت ستستثمره الدولة بعد أن تم طي صفحات الاحتجاج في الشارع المغربي وليس فقط بالنسبة للجسد التعليمي.

لا ذنب للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد وهم يحسون بجمرة فحم ملتصقة على قلوبهم، عنوانها الإهانة وغياب تطبيق مبدأ المساواة أمام وجود أساتذة اخرين مرسمين يشتغلون معهم بذات المؤسسات، ولا يجب تحميلهم مسؤولية تعاقدهم او حيثيات التحاقهم بالعمل في إطار الدولة، ولا بالنسق السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد. بل يجب على الدولة الجلوس معهم على طاولة الحوار، اطلاقا من مبدأ مساواتهم بمن سبقهوم في التعليم، وذلك بإدماجهم في سلك الوظيفة العمومية واطفاء اخر شمعة من شمعات النضال واسكات ما تبقى من الأصوات الحرة.