الحماية القانونية للمبادلات التجارية الالكترونية في التشريع المغربي – الجزء الثاني

اعداد جردوق محمد : المستشار القانوني لطاقم اخبار 7

ثانيا: مظاهر الحماية القانونية للمبادلات التجارية الالكترونية في التشريع المغربي

مما لاشك فيه أن المشرع المغربي قد حاول توفير حماية قانونية للمتعاقد الكترونيا قبل إبرام العقد وذلك بوضع مجموعة المقتضيات غايتها الأساسية أن يصدر الرضى صحيحا سليما لطرفي العقد كما أن القوانين الحديثة تنظر نظرة جديدة ومغايرة لنظرة القوانين التقليدية لموضوع التعاقد عن بعد فإذا كانت هاته الأخيرة لا تهتم إلا بالزمان ومكان انعقاد العقد وما يرتبط بذلك من إرسال وتلقي للإيجاب، فإن القوانين الحديثة ركزت على حماية رضى المستهلك بتبصيره وذلك بإلزام المهني بإعلامه عن تفاصيل العملية العقدية المقبل عليها .

لعل أبرز أوجه الحماية التي يمكن أن يستفيد منها كل متعامل بأي وسيلة الكترونية سواء كان هذا الأخير شخصا طبيعيا (مستهلك) أو شخصا معنويا في إطار نشاطه التجاري الاقتصادي، أو المدني هي تلك المسؤولية المدنية التي قد تطال كل من أخل بأحد أو بعض الالتزامات الملقاة على عاتقه فهي الالتزامات قد تكون عقدية أي ناشئة عقب إبرام عقد بشكل الكتروني وبالتالي فإن كل مخل لها يكون مسؤولا مسؤولية عقدية كما قد تكون التزامات قانونية ملقاة على جهة معينة بمقتضى القانون وبالتالي فإن الاخلال بها سيعرض الملتزم بها إلى جزاء مدني جزاء المسؤولية التقصيرية.

إن المسؤولية العقدية كما سبقت الإشارة إلى ذلك تنتج عن إخلال في الالتزامات التعاقدية وبالتالي فلا يمكن الحديث عنها بدون توافر عقد صحيح مبرم بشكل الكتروني حسب ما ينص عليه القانون رقم 05.53 وعليه فهذه العقود يتمثل محلها في شقين لا ثالث لهما إما سلعا أو خدمات.

فالعقد الالكتروني الذي يعتبر الأداة الفعالة لتحريك المبادلات التجارية  الالكترونية  ــ إذ لا يمكن التفريق بينهما فهما وجهان لعملة واحدة ــ لا يتميز عن العقد المبرم بطريقة غير الكترونية فيما يخص الالتزامات التي يتحملها المتعاقدون إلا فيما يخص طريقة تنفيذ تلك الالتزامات خاصة تلك العقود المنصبة على سلعة أو خدمة مقدمة بطريقة الكترونية أو أن الأداء يتم بوسيلة الكترونية وبالتالي فإن أركان المسؤولية العقدية تبقى هي ذاتها من خطأ وضرر وعلاقة السببية . إلا أن ما يميز المسؤولية العقدية في المبادلات التجارية الالكترونية هي طبيعة كل من الخطأ والضرر.

يعتبر كل طرف من أطراف العلاقة التعاقدية مرتكبا لخطأ عقدي إذا لم يقم بتنفيذ التزامه العقدي أو تأخر في تنفيذه أو تنفيذه بشكل معيب باعتبار أن هذا الخطأ يمثل انحرافا في سلوك المدين يؤدي إلى مسائلته.

فقبل التطرق لصور الخطأ في المبادلات التجارية الالكترونية وجب التطرق لطبيعة الالتزام في المجال الالكتروني، هل هو التزام ببذل عناية ؟ أم هو التزام بتحقيق نتيجة ؟

إن أغلب الالتزامات في المعاملات الالكترونية غايتها تحقيق نتيجة لأن المتعاقد يسعى إلى الوصول إلى هدف معين وذلك إما للاستفادة من خدمة معينة أو من سلعة معينة محلا للالتزام، وإن عدم تحقيق هذا الهدف ولو بعد بذل العناية الكافية يشكل عدم النفيذ، ويكون في هذه الحالة للمتعاقد الأخر أن يثبت فقط وجود الالتزام لكي يكون الملتزم مجبرا ببيان أنه حقق النتيجة التي التزم بها وإقامة مسؤوليته التعاقدية، ما عدا إذا أثبت تدخل السبب الأجنبي المتمثل إما في القوة القاهرة أو الحدث الفجائي أو خطأ الدائن (الطرف الأخر) أو خطأ الغير .

غير أن بعض الفقه يرى بأن هناك من العقود المعلوماتية التي يكون فيها الالتزام مجرد بدل عناية، إلا أننا نستدل بقرار لمحكمة الاستئناف بباريس عقب قضية أحيلت عليها تدور حول عدم تمكن مهندس معلوماتي من تصميم برنامج للحاسوب حيث اعتبرت أن الالتزام في هذه الحالة يبقى التزاما بتحقيق نتيجة، لأن مصمم البرنامج إذا لم يكن واثقا من نتيجة عملية فعلية ألا يلتزم بالقيام به، ومن ثم فإن إرادة الطرفين عند التعاقد هي التي تحدد طبيعة الالتزام .

هذا عن طبيعة الالتزام أما فيما يخص صور الخطأ، فإن هذا الأخير يتخذ صورتان :

يمتاز تسليم محل المبادلات التجارية بنوع من الخصوصية وفقا لطبيعة الخدمة أو السلعة. فبرنامج الحاسوب مثلا تسلم من خلال تحميلها على دعامات :” الأقراص الممغنطة أو مفتاح الفلاش ديسك ” أو على شبكة الانترنيت مباشرة في دفعة واحدة أو عبر مراحل.

والتسليم لا يقتصر على الشيء وحده وإنما يشمل كذلك ملحقاته التي توضح كيفية عمل الأنظمة المعلوماتية وتحضيراتها المادة وأساليب الصيانة، وهي في الغالب بيانات تسجل على أقراص أو يتم تحميلها عبر الانترنيت.

ولعل ميعاد التسليم يكتسي أهمية كبرى في العقود المعلوماتية إذا كان محددا، لأن ضرر التأخير يشكل أهم صور المسؤولية العقدية، أما إذا لم يكن كذلك فيفترض وقوعه فور إبرام العقد ما لم تقض طبيعة الشيء محل المعاملة بمواعيد أخرى، أو إذا كان العمل ذهنيا يتطلب فترة زمنية ملائمة لإنجازه.

إن المورد في المجال المعلوماتي ملزم بمعرفة احتياجات زبونه وإعلامه بالضرورات التقنية للنظام والأجهزة المعلوماتية التي يقدمها إليه ومدى قدرتها على تحقيق الغاية التي يسعى إليها.

فالتسليم في المجال المعلوماتي يتسم بنوع من الخصوصية حيث قد يقوم المزود بإرسال السلعة أو الخدمة المطلوبة نوعا لكنها غير المطلوبة من حيث الإصدار مثلا، ذلك أن البرامج المعلوماتية سريعة التحديث أو أنها هي المطلوبة نوعا وإصدار إلا أنها غير ملائمة لحاسوب المستفيد لذلك وجب على المزود إعلام الطرف الآخر بكل البيانات التي قد تساعده على تلبية حاجاته من وراء التعاقد، لكي يكون التسليم مطابقا لتلك الاحتياجات. وللوصول إلى هذه الغاية فإن الزبون والمورد مطالبان معا بإقامة حوار بينهما يمهد لتنفيذ العقد على الوجه الأكمل .

إن الضرر العقدي المباشر الذي يطال طرف العلاقة التعاقدية المبرمة بشكل الكتروني ينقسم إلى قسمين ضرر متوقع وضرر غير متوقع، فالمدين لا يسأل إلا أن الضرر المباشر المتوقع أما الضرر غير المتوقع فلا يثير مسؤولية .

ونظرا الارتباط الضرر بالتعويض عن المسؤولية العقدية وكون الضرر يختلف حسب طبيعة المعاملة الالكترونية، فإن هذا الأخير يكون مفترضا بمجرد تحقق الخطأ إلا في حالة الغش المعلوماتي.

إن علاقة السببية في المجال الالكتروني لا تختلف عن علاقة السببية المقررة في القواعد العامة وهي ذلك الرابط بين الخطأ والضرر أي بصفة أخرى أن يكون الضرر هو نتيجة لخطأ مرتكب  وبالتالي فإذا ما ألحق ضرر  بأحد أطراف العلاقة التعاقدية بطريقة الكترونية دون أن يخل الطرف الأخر بأي التزام من التزاماته فلا وجود لمسؤولية عقدية كأن يقوم مقدم الخدمة بإرسال البرنامج الالكتروني محل البيع للمستفيد غير أن حاسوب هذا الأخير قام بمحوها بطريقة أوتوماتيكية من طريق مضاد الفيروسات أو بأي طريقة تقنية أخرى ففي هذه الحالة لا وجود لمسؤولية مقدم الخدمة متى أثبت توصل المستفيد بمحل البيع أو الخدمة.

إن من أهم وظائف النظام القانوني أن يحدد الأموال والمصالح التي يجب عليه حمايتها وذلك بوضع قواعد قانونية جنائية تجرم السلوك الذي يهدر المصالح او بتهديدها بكل خطر محتمل، فالجناة  يزدادون مهارة كلما تم تطوير برنامج الحماية بخلق وسائل تدميرية، إما عن طريق القرصنة للمعلومات والبرامج، واستعمال وسائل احتيالية واختلاس البيانات وتزويرها ، لذلك كان من الطبيعي أن يجرم المشرع أية أفعال يرى أنها تمثل إعتداءا على أموال وبيانات التجارة الالكترونية عن طريق تضمين قوانين التجارة الإلكترونية نصوصا هدفها مكافحة ظاهرة الجريمة المعلوماتية في نطاق التجارة الإلكترونية.

لعل أهم الجرائم التي يقترفها مزود الخدمة هي تلك المتعلقة بإفشاء الأسرار (أولا) نظرا لموقع  القوة التي يكتسبها من خلال علاقته التعاقدية وتلك المتعلقة بعدم مراعاة المواصفات من قبل مزود الخدمة (ثانيا)نظرا لما لها من خصوصية في التشريع المغربي

إن لكل معلومة إلكترونية قيمة اقتصادية وتجارية تختلف حسب القيمة الاقتصادية التي يمتلكها المتعامل، هذه الأخيرة قد تفقد قيمتها عن طريق إفشاء وفضح سريتها.

يتمثل هدف المشرع المغربي في حماية المصالح والحفاظ على الحقوق فإن القانون الجنائي يهدف إلى الإصلاح والتأهيل.

حيت بالرجوع إلى القواعد العامة المتمثلة في القانون الجنائي نجد أن المادة 447 تحمل المسؤولية الجنائية لكل مدير أو مساعد أو عامل في مصنع إذا أفشى أو حاول إفشاء أسرار المصنع الذي يعمل به سواء أكان ذلك الإفشاء إلى أجنبي أو إلى مغربي مقيم بالمغرب. أما فيما يخص قانون رقم 05-53 فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من أفشى المعلومات المعهود إليه في إطار ممارسة نشاطاته أو وظيفته على نشره أو ساهم في ذلك، وذلك حسب المادة 30منه.

ففي هذه الجريمة ليس هناك أي اختراق للبيانات الشخصية التي تمت معالجتها لكن هناك شخص ذي صفة في تدوين ونقل ومعالجة البيانات قام بترسيبها و إفشائها للغير.

ويشترط في البيانات والمعلومات التي يتم إفشاؤها أن تتعلق بالشخص صاحب المعاملة الإلكترونية.

وإفشاء هذه المعلومات أو الأسرار يعني إذاعتها أو نقلها وإطلاع الغير عليها, وإعلانها لكثير من الناس وخروجها من حيز الكتمان أو السرية بعد أن كان العلم بها قاصرا على أصحابها أو الذين ائتمنوا عليها بحكم وظيفتهم, وهو ما حرص المشرع على منعه.

ويستوي في المعلومات التي يتم إفشائها أن تكون مكتوبة في أوراق أو مسجلة على دعامة  إلكترونية على قرص مدمج أو تكون مخزنة ضمن برنامج معلوماتي في جهاز حاسب ألي.

ولكي تطبق العقوبات التي أقرها المشرع يستلزم أمن يقدم الجاني على ارتكاب الجريمة مع علمه بأنه يخالف نص قانوني وتتجه إرادته إلى الفعل المجرم و يقبل النتائج المترتبة عليه.

لقد وضع المشرع المغربي من خلال قانون  53.05 بمجموعة من الشروط التي يجب أن يتوفر في كل شخص يسعى لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية أو أن يحترمها وذلك من خلال المادة 21 منه، وهذه قد أوردها المشرع على سبيل الحصر على سبيل المثال وهي شروط إلزامية، ولعل أهم هذه الشروط  هو كون أن مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية لا يمكن أن يكون إلا في شكل شركة يوجد مقرها الاجتماعي بتراب المملكة, فهذا الشرط الأخير ما هو إلى شرط شكلي حيث بتخلفه عنه لا يمكن الحديث  عن مقدم لخدمة المصادقة الإلكترونية ,أما عند تحققه آنذاك تقوم السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية من التحقق من باقي الشروط الموضوعية التي تنقسم بدورها إلى شروط تقنية و قانونية.

أما في حالة ما إذا اكتسب مقدم الخدمة هذه الصفة و لم يحترم كل أو بعض الشروط المنصوص عليها في المادة 21 فقد أورد المشرع جزاءا يتمثل في غرامة مالية مابين  10.000 و000 .100 درهم ويعاقب عليها كذلك بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وذلك من خلال المادة 29من قانون 05 . 53

وعلى ذلك فالركن المادي لهذه الجريمة يخلص في عدم مراعاة مزود خدمة المصادقة الإلكترونية للشروط والمقتضيات المنصوص عليها، ومؤدي ذلك السلوك الإجرامي لمزود  الخدمة في هذه الجريمة، يتوافر بمجرد عدم القيام بعمل من الأعمال المفروض عليه القيام بها ،أي أن الخطأ المنبني على أساسه المجرم هو خطأ سلبي أي هو ما كان على مزود الخدمة القيام به و لم يفعل.

وبالتالي فإذا توافر السلوك الإجرامي لمزود الخدمة قامت الجريمة في ركنها المادي، ولم يبين المشرع ما إذا كان تطبيق الجزاء يستلزم القصد الجنائي في مرتكبيها.

فبقي أن نشير إلى أن المشرع لم يضاعف العقوبة  في حالة تكرار الفعل الذي يمثل الجريمة(العودة).

كثيرة هي الجرائم التي يرتكبها الغير وقصدنا به كل شخص غير المكلف بالمصادقة للتجارة الإلكترونية, فكثيرة هي الوسائل التي يستعملها القراصنة للاستفادة من معطيات و معلومات ليس لهم حق الاطلاع عليها بل التصريح بمعطيات خاطئة أو سلم وثائق مزورة إلى مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية للوصول إلى هدف معين.

تنص المادة 31 من قانون 05 . 53 على أنه ” بصرف النظر عن المقتضيات الجنائية الأكثر صراحة, يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100.000إلى 500.000 درهم  كل من أدلى عمدا يتصاريح كاذبة أو سلم وثائق مزورة إلى مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية”.

يتضح من خلال نص المادة أن المشرع قد وضع ثلاثة شروط لتطبيق مضمون نص هذه المادة وهي أن يقوم الشخص ب:

إن تشفير البيانات يعني تغيير في شكل البيانات عن طريق تحويلها إلى رموز أو إشارات لحماية هذه البيانات من إطلاع الغير عليها ومن تعديلها أو تغييرها. ”

إن تشفير البيانات بوضعها طريقة فنية من طرق حماية هذه البيانات قد تكون عرضة لاعتداء عليها بذات الطريقة، أي أنه يتم اختراق البيانات رغم تشفريها، وذلك عن طريق فض الشفرة أو تسريبها من قبل من له حق الاحتفاظ بها[1].

غير أن أهم ما يمكن ملاحظته من خلال استقراء المواد المنظمة لخدمة التشفير (المواد 12 34-33-32-14-13) المشرع نظم عملية التشفير حماية لأمن الدولة لا حماية للتجارة الإلكترونية والمتعاملين بها على عكس المشرع التونسي الذي نص في المادة 48 من قانون التجارة الإلكترونية على أنه “يعاقب كل من استعمل بصفة غير مشروعة عناصر تشفير شخصية، والتي تتعلق بإمضاء غيره بالحبس لمدة تتراوح بين وخطية تتراوح بين 6 أشهر وعامين وبخطية تتراوح بين 1000و 10.00  دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين” فكان من الطبيعي المشرع التونسي على جريمة فض مفاتيح التشفير الإلكتروني, وذلك لأنه اهتم وبكل دقة وعالج تفصيلات هذه التجارة الإلكترونية سواء من حيث انعقاد العقد وحقوق الطرفين أو سرية العمليات والتجارة وتنفيذها  وسرية بياناتها وعملياتها, وذلك من خلال اعتماد التوقيع الإلكتروني وتشفير بيانات هذه التجارة.

والركن المادي لهذه الجريمة يتمثل في فض مفاتيح التشفير التي تتعلق بالتوقيع الإلكتروني, ذلك أن فضها يعني كشف البرامج الخاصة بتشفير التوقيع الإلكتروني وذلك بنقل التوقيع من صورة مكتوبة إلى صورة رقمية.

وهذه الجريمة من جرائم السلوك المجرد، أي يكفي أن يكون الجاني قد فض مفاتيح الشفرة المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني، دون انتظار حصول الضرر بالمجني عليه، ذلك أن هذه الجريمة من الجرائم الضرر التي تتطلب حصول نتيجة معينة.

أما من ناحية الركن المعنوي، فهذه الجريمة من الجرائم العمدية التي تتطلب لقيامها قصد الجنائي.

فقبل ختم موضعنا المتواضع هذا سنتطرق لإشكالية إثبات الجرائم المرتكبة عن طريق الوسائل الإلكترونية بصفق عامة والتجارة الإلكترونية بصفة عامة والتجارة الإلكترونية بصفة خاصة. فنظرا للوسائل التي يتم من خلالها إبرام التصرفات القانونية في مجال هذه الأخيرة التي تتسم بالتقنية ذلك أنها تتم على دعائم إلكترونية لا ورقية فإن مسألة الإثبات تعتبر غاية في الصعوبة خاصة إذا تعلق الأمر بشخص غير متمكن من  الناحية التقنية، ذلك أن العقود المبرمة بشكل إلكتروني تبرم في برهة زمنية لا تترك للمتعاقد أية   فرصة لكي يحتفظ بدليل ينفعه إذا ثار نزاع بشأن تلك المعاملة، فحتى ولو قام المتعاقد بالاحتفاظ بنسخة من البيانات التي قد ترسل إليه من قبل الطرف الآخر في العلاقة التعاقدية فإن ذلك قد يتعارض مع المبدأ القانوني الناص على أنه “لا يسوغ لأي شخص أن يصنع دليلا لنفسه”.

وبالتالي فنحن أمام مانع مادي أو تقني يجعل إمكانية إثبات المعاملات الإلكترونية عامة والجريمة التي اقترفها المتعاقد الآخر أو الغير بصفة خاصة أمرا شبه مستحيل.

فالمائع المادي هو الذي يمنع بطبيعته الحصول على مستند -سواء أركان على ورقة او على دعامة إلكترونية وقت حسب الالتزام.

ختاما، الثورة المعلوماتية أفرزت تجارة الكترونية بكل مكونات التجارة العادية، و أصبحت تنافسها بكل شراسة، ظهرت أهميتها و مكانتها خلال الفترة الاستثنائية التي يعيشها العالم، فازدهرت و تطورت و أنتجت أساليب و أنماط مختلفة لم تعهد في التجارة العادية.

و ما أثار انتباهنا و نحن نبحث في هذا  الموضوع  فراغا تشريعيا أو عدم مواكبة لسرعة التجارة الالكترونية و خصوصياتها، لذا كان لابد في ختام هذا العرض المتواضع أن نخرج ببعض المقترحات التي ارتأينا أن اعتمادها سيكون  له أثر ائتماني إيجابي:

ـ  إجراء تعديلات على مدونة التجارة لتحوي التجارة الالكترونية بكل حيثياتها وخصوصياتها، مع ضرورة وضع تعريفات للمصطلحات التي تشكل حقل التجارة الالكترونية بشكل لا يحتمل عدة تأويلات .

ـ تفعيل برامج تلفزية مخصصة لمستهلكي المنتجات التي تسوق  الكترونيا بهدف التوعية.

ـ  تعديل النصوص القانونية التي تأطر التجارة الالكترونية بسبب قدم تنزيلها.

Exit mobile version