أ أمام الجدل الذي أثاره، مؤخرا، عدد من الأعمال التلفزيونية المعروضة بمناسبة شهر رمضان، بخصوص ما اعتبره البعض إساءة لبعض المهن، أكدت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية أن “حرية النقد مكفولة للجميع من دون التضييق على حرية الإبداع”.
وأوضحت النقابة، في بيان لها بخصوص بعض المواقف الداعية إلى تقليص مجال حرية الإبداع في الدراما التلفزيونية، أنها تابعت “بقلق واستغراب كبيرين، بعض ردود الفعل المفاجئة وغير المستساغة إزاء بعض إنتاجات الدراما التلفزيونية الرمضانية لهذه السنة، والتي رأت فيها بعض الفئات المهنية مسا بها وتبخيسا لها”.
وأكد البيان أن انتقاد مضامين وأشكال الأعمال الفنية من طرف الجمهور العريض والنقاد ومختلف الشرائح الاجتماعية “حق مكفول ومشروع، بل مطلوب استثماره لتنمية وتطوير إنتاجنا الوطني والرقي به”.
واعتبرت أن النقد الاجتماعي في الأعمال الفنية عموما، والدرامية منها على الخصوص، مبدأ كوني، مكفول قانونيا ودستوريا بموجب الفصل 25، ويبقى للجمهور والنقاد حق وحرية التقييم، بل وحتى الرفض من الناحية الفنية، “لكن دون أية محاولة للتضييق على حرية الإبداع أو المس بها كحق إنساني”.
وحسب النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية فإن تناول الأعمال الفنية للعيوب الاجتماعية مسألة “تعاقدية”، تواضع حولها الذوق السليم للبشرية منذ القدم، وليس هناك أي عمل درامي أو كوميدي، كيفما كان مستواه الفني، لا ينطلق من صراع ولا يصور عيوبا وفضائل مجتمعية على حد سواء.
وذكر البيان أن طبائع الشخصيات السلبية لا تعني بالضرورة أنها تعميمية أو عاكسة للجميع، بل ترتبط فقط بالشخصية الدرامية المتخيلة من قبل المبدع، والتي لها ما يشبهها في المجتمع على وجه التخصيص لا على وجه الإطلاق والتعميم.
وخلص البيان إلى أن الإبداع الفني يكتسي دائما طبيعة رمزية مهما بلغ من واقعية، ولا تبدو عناصر التبخيس والتحقير والإساءة جلية إلا عندما تكون مقحمة بلا أسيقة، أو تتم بشكل مباشر دون حكاية أو أحداث أو مواقف، أو عندما يكون لها هدف تحريضي مباشر وواضح وهو أمر غير حاصل في أي عمل من الأعمال المعنية.
وكان المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري جدد، خلال اجتماعه المنعقد بتاريخ 27 أبريل الماضي، التأكيد على أهمية صون حرية الإبداع، وذلك بعد تلقيه لعدد من الشكايات بشأن أعمال تخييلية تلفزية.
وذكر بلاغ للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) أن المجلس قرر، خلال هذا الاجتماع، بعد دراسة مجموع هذه الشكايات والتداول بشأنها والبت فيها، تجديد التأكيد على أن حرية الإبداع الفني كما هي مضمونة دستوريا، لا سيما في الأعمال التخييلية، جزء لا يتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري، إذ لا يمكن للعمل التخييلي أن يحقق وجوده ويكتسب قيمته دون حرية في كتابة السيناريو، وفي تشخيص الوضعيات والمواقف، وفي تحديد الأدوار وتمثل الشخصيات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمل هزلي أو فكاهي.
واعتبر البلاغ أن التمثيل النقدي لمهنة معنية في عمل فني سمعي بصري لا يشكل قذفا، كما هو معرف قانونا، ولا قصد إساءة، بل هو مرتبط بحق صاحب العمل في اعتماد اختيارات فنية معينة، كما أن المطالبة بتوظيف الأعمال التخييلية لشخصيات/نماذج تجسد حصرا الاستقامة والنزاهة في تقمصها لأدوار منتسبة لمهن معنية، ليس مسا بحرية الإبداع فحسب، بل أيضا تجاهلا لدور ومسؤولية الإعلام، لا سيما العمومي، في ممارسة النقد الاجتماعي ومعالجة بعض السلوكيات والظواهر المستهجنة.