محمد أكعبور
باحث في الخطاب والإعلام الديني
غاب المثقف وحضر المحلل في أكثر من مناسبة ، ومنذ قرابة عقد تقريبا لمواكبة الحدث ؛ حتى إذا جاء كوفيد_19 يتأكد القول الثابت لدينا .
تخلت الهيئات طوعا أو كرها عن مرجعية المثقف الذي لا يُخفَى انتماءه تصريحا عبر تقديمه من لدن منشط اللقاءات التي يستضاف فيها أو تلميحا من خلال مؤشرات دالة أو من خلال فقه الخطاب الذي يمارسه وهو يتحدث طول المدة المتخصصة له في البرنامج الإعلامي مستحضرة مرجعية المحلل الذي لا يخبَر عنه ولو بلفظة تفيد عنه توجهه الفكري مع ذكرنا أن المحلل قوة فكرية مستقلة لكونه ملاحظا بامتياز مهمة الوصف وبناء الافتراضات المؤشرة على التوقعات .
كانت كلمة محلل حاضرة بداية في مجال الرياضة فيما بين الشوطين ثم ارتحل المفهوم والشخصية إلى الاقتصاد في تحليل لمؤشرات البورصات والنظم الاقتصادية ثم إلى السياسة لتحليل نتائج الصناديق فتحليل الخطابات السياسية وترسخ الفعل بالحضور الإعلامي القوي للفاعل في تعليق على مجمل التفاعلات السياسية .
غير أننا نسجل الحضور القوي للمثقف الديني الرسمي في المجتمع الواقعي والافتراضي من خلال مواكبته للحدث بداخل المجتمع والتفاعل معه بما يضمن للناس طمأنينة نفسية وروحية من خلال صدقية المرجعية لدى المثقف الديني مع الحاجة الماسة للمجتمع لهذه الفئة من المثقفين. وتمثل مرحلة كوفيد_19 المحطة الأبرز للمثقف الديني -الرسمي أو المدني وقد كتبنا عنه في مقال سابق فأسميناه الوسيط الديني وذلك في مقال بعنوان : الخطاب ومركزية “الوسيط الديني “داخل المجتمع في زمن كوفيد-19؛ حيث برزت الحاجة إليه مما استلزم اقضاء أداء الواجب الوطني والديني تجاه المجتمع والدولة والأمة والجماعة فالمثقف الديني أصبح اليوم أكثر من ذي قبل ملزما بالتفاعل مع المحيط بمزيد من اللياقة مما يضمن له حيادا عن الخلاف في الشارع العامة حيث النقاش العمومي في الواقع والمواقع فمهمته توجيه المجتمع نحو تخليق الحياة الأسرية والتماسك الاجتماعي والأداء الديني الصحيح وذلك بالسعي لبناء الكفايات السلوكية الرامية إلى الإسهام في بناء وتقوية الفرد أخلاقيا داخل المجتمع .
ف” الوسيط أو المثقف الديني” يتمتع بسلطة صدقية القول والفعل لأنه ناقل أمين للمعلومة بناء على أسناد معرفية غير كاذبة ، مما يتوجب معه تبعا أن يصدق في الأقوال والأفعال كما الأحوال .