اخبار مراكشسلايدشو

ندوة دولية في موضوع : الماء والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة أيام 23، 24 و25 فبراير 2023 بمراكش

تؤدي ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن انبعاث الغازات الدفيئة نحو الهواء القريب من سطح الأرض إلى تغير مناخي ملحوظ على كوكب الأرض، سواء على مستوى اليابسة أو الماء. وتعتبر الأنشطة البشرية، لاسيما الصناعية منها، السبب الأول في حدوث هذه الظاهرة. أكيد بوسعنا رصد بعض آثار ظاهرة الاحتباس الحراري على المدى القريب، لكننا نحتاج إلى النماذج التي يطورها العلماء، حتى نتمكن من توقع آثارها على المدى البعيد.
يتجلى التغير المناخي في عدد من الظواهر المتنوعة مثل تغير درجات الحرارة على سطح الأرض، وارتفاع مستوى سطح البحر، وذوبان الجليد والثلوج، وعدم انتظام التساقطات المطرية، ثم تزايد عدد وَحِدَّةِ الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، والعواصف، والجفاف، وموجات الحر، والأعاصير، والدوامات، والأمواج الغامرة، وحرائق الغابات. وينجم عن التطور المناخي تغيرا في حِدَّةِ الكوارث الطبيعية وترددها ومدتها وانتشارها؛ حيث يُرتقب مثلا أن تتكرر دورات الجفاف (نقص وندرة في المياه لفترة طويلة)، وتشتد حِدَّتُها، وتطول مدتها بسبب ارتفاع ظاهرة تبخر المياه، المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة. وعلاوة على ما يرتبط به من عواقب بيئية وصحية وخيمة، فإن التغير المناخي قادر على إحداث اختلال عميق في الرصيد المتوفر من الموارد المائية، ومن ثمة المساس بعدد مهم من القطاعات الحيوية مثل الفلاحة، والصناعة، وإنتاج الطاقة، والماء الصالح للشرب، والصرف الصحي، إلخ.
لقد جاءت مساهمة فريق العمل الثاني في تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الصادر في أواخر فبراير من العام الجاري 2022، مؤكدة، أكثر من أي وقت مضى، على الترابط الوثيق بين هشاشة الموارد المائية والأمن الغذائي في مواجهة الأحداث المناخية المتكررة. ويعتبر تبني مقاربة NEXUS (ماء-طاقة-أمن غذائي) من بين أهم أوجه صمود ومقاومة الساكنات المحلية للتغيرات المناخية. وفي الواقع، إن التغير المناخي يؤثر على الزراعة وتربية الماشية؛ وذلك بما يتسبب فيه من شح حاد في الموارد المائية، كما أن عدم انتظام فصول السنة، وتزايد فترات الحر الشديد، أو ندرة المياه يحدث اختلالا في الدورات الزراعية؛ حيث يمكن أن تتعرض المحاصيل الزراعية للإتلاف، ويمكنها أن تفقد انتظامها؛ فيؤدي كل هذا إلى فقدان الأمن الغذائي.
من ناحية أخرى، تظل الصناعات من بين القطاعات الأكثر تأثرا بندرة الموارد المائية الناجمة عن التغير المناخي؛ نظرا لحاجتها الملحة إلى كمية كبيرة من الموارد المائية وبجودة مهمة، لاسيما إذا كانت هذه الصناعات تنتصب داخل مناطق معرضة لمخاطر الفيضانات، وتعرية التربة وغيرها من المخاطر الطبيعية. ويعتبر قطاع الطاقة ثاني أكبر مستهلك للمياه؛ حيث إن غالبية طرق إنتاج الطاقة تحتاج بالضرورة إلى كميات هائلة من الماء (سدود تنتج الطاقة الكهرومائية، مراكز الطاقة النووية). غير أن ندرة الموارد المائية في بعض المناطق، الناجمة عن التغير المناخي تؤثر على إنتاج الطاقة، وتؤدي إلى الرفع من كلفة إنتاجها. وطالما أن الطلب على الطاقة في تزايد، فإن الضغط على الموارد المائية سيزيد أكثر فأكثر.
وعلى المستوى الوطني، يبدو أن المقالق والتخوفات اتجاه آثار التغير المناخي على الماء والساكنة باتت تحظى بأهمية بالغة، وتفرض التعامل معها بالجدية اللازمة؛ وذلك حتى نتمكن من ملامسة مداخل للحد من تفاقم الوضع، أو قل القضاء عليه نهائيا، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تظافرت كل الجهود، وتم تثمين العمل الجماعي في مواجهة هذه الظاهرة.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يقع في منطقة جغرافية حيث الماء يعتبر عملة نادرة؛ وهي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA لذلك فإنه يتعرض بشكل منتظم لدورات الجفاف. وقد استشعرت المملكة المغربية الخطر مبكرا، وكانت على وعي بهذه الإشكالية، فانتهجت خلال العقود الأخيرة سياسة واعدة وطموحة تتمثل في بناء السدود. غير أن الاستثمارات المحققة في هذا المجال، والتي استجابت لغالبية حاجات البلد من الماء الصالح للشرب وماء السقي، يبدو أنها استنفذت مهامها، وصار من اللازم على المغرب أن يعتمد سياسات وخطط جديدة. في هذا السياق أطلق المغرب خطته الوطنية الجديدة حول الماء (2020-2050)، والتي تركز أكثر على تعبئة الموارد المائية غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر؛ وهي التكنولوجية التي تخلق أملا حقيقيا لدى ساكنة المناطق الساحلية الجافة.
وبصرف النظر عن طبيعة التساقطات المطرية اللامتكافئة بين مختلف مناطق المغرب وجهاته، يتعين على المغرب أن يجد حلولا للنمو الديمغرافي القوي الذي تشهده أقطابه الحضرية الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش وأكادير. إن ضمان وصول الماء الصالح للشرب إلى الصنابير وبجودة عالية، ومحاربة جميع مصادر هدر المياه الصالحة للشرب يعتبر تحديا لكل المتدخلين في مسلسل إنتاج الماء وتوزيعه. ولكن، حتى نتمكن من ترشيد استهلاكنا لهذا المورد الثمين، يبدو أن الأهم هو تحسيس المستهلك بأهمية اقتصاد الماء، وجعله ينخرط بنشاط وحيوية في هذا الأمر، سواء كان هذا المستهلك فردا، أو جماعة محلية، فلاحا، أو مقاولة صناعية. فمسألة الماء يجب إدماجها في كل الجوانب المرتبطة بالتنمية السوسيو-اقتصادية، ويجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من النقاش العمومي.
ولا يجب علينا أن نتردد في إعادة تقييم وتقويم بعض الاستراتيجيات القطاعية التي لم تضع في اعتبارها مسألة الماء منذ البداية؛ إذ لا يجب أن نتعامل مع تراجع الموارد المائية وشحها كما لوكان قدرا محتوما؛ لأن هناك من التقنيات الجديدة ما أصبح متوفرا على المستوى الاقتصادي، وفي المتناول على نطاق واسع؛ يكفي أن ننتقي التكنولوجيا الملائمة، والأكثر تكيفا مع الخصوصيات المحلية. أكيد أن الاستثمار في مجال تدبير الماء قد وفى بكثير من تعهداته، لكن عندما نأخذ في الحسبان القيمة الحقيقية والطابع الحاسم لهذه الثروة الحيوية، نعي جيدا أن ما سيجنيه المغرب من مختلف أشكال هذا الاستثمار، على المديين المتوسط والبعيد، يتعدى بكثير ما جناه منها إلى غاية الآن.
يبدو أن المغرب يواجه محدودية الموارد المائية وعدم انتظامها في المكان والزمان. إضافة إلى أن النظام المائي بالمغرب يتميز بتناوب أعوام زاخرة بالأمطار والمياه، وأخرى عجاف يطبعها جفاف حاد، ويمكن أن تدوم لسنوات عديدة مثلما حدث بين 2015 و2020. فقد تم تسجيل ضعف شديد في حصيلة السدود منذ عام 2015؛ حيث سجلت هذه الحصيلة أضعف مستوياتها في أواخر شهر نونبر من سنة2021؛ وهي نسبة 30 بالمائة. ولا يبدو أن هذه الإشكالية، مع آثار التغير المناخي الذي يشهده كوكب الأرض، ستخبو جدوتها في المستقبل القريب.
وانسجاما والمقتضيات الدستورية التي ثمنت دور الجماعات الترابية بوصفها فاعلا أساسيا في التنمية، وتحديدا الجهة، التي تحتل، من بين مختلف الجماعات الترابية، مكانة خاصة، لا يبدو أن توفير مستديم للماء داخل البلد يمكن أن يحالفه النجاح بدون تعبئة منصفة وفعالة للموارد على مستوى الجهات. ولا يستقيم هذا الأمر إلا بفضل إعمال منهجية المشاركة والتنسيق والاستشارة بين مختف الفاعلين والمتدخلين من حكومة، وجماعات ترابية، ومجتمع مدني.
ومادامت مشاريع التنمية تقتضي بالضرورة إعمال مقاربات نسقية واستباقية، لا يمكن، بأي حال، الاستغناء عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به الجامعيون والباحثون من مختلف العلوم والتخصصات، لاسيما العلوم الاجتماعية، التي من شأنها بناء نماذج تحليل يكون في وسعها توقع الأزمات وتجنب المخاطر.
سوف تتناول هذه الندوة بالنقاش الخطة الوطنية المعتمدة من أجل التوفير المستديم للماء والتزود به، أخذا بالاعتبار مجموع الإشكالات التي تواجهنا في هذا المجال، والاقتراحات التي تقدم من أجل تحقيق هذا الهدف.
التوجهـــــات
ـ مواصلة تطوير العرض وتعزيزه من خلال بناء سدود جديدة، وربط مختلف الأنظمة الهيدروليكية فيما بينها، وتأهيل الطرق غير التقليدية لإنتاج الماء، وتحديدا تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير المياه العادمة، وتصفية المياه المستعملة بحسب مقاربة مندمجة،
ـ تدبير الطلب على الماء بما يسمح واقتصاد هذه الثروة الطبيعية، وتثمين الموارد المائية المستعملة،
ـ المحافظة على الموارد المائية والحاملات البيئية، وتحسين تدبيرنا للكوارث المناخية، خصوصا فيما يتعلق بحماية الساكنة والخيرات من الفيضانات
المباحث أو الموضوعات
1 ـ التغيرات المناخية.
2 ـ تكيف الموارد المائية مع التغيرات المناخية.
3 ـ الماء والصناعة وتكنولوجية المعلوميات.
4 ـ NEXUS : الماء والطاقة والأمن الغذائي.
5 ـ تحلية مياه البحر: تبادل تجارب.
6 ـ الانعكاسات الاقتصادية و الاجتماعية.

علي سلامي

المقالات المشابهة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى