محمد أكعبور
باحث في الخطاب والإعلام الديني
“يا شفشاون يا نوارة” من أولى تجارب ذكر الجغرافيا الثقافية والتاريخية بالمغرب المعاصر للمطرب الكبير الأستاذ نعمان الحلو متغنى بالأمجاد مما أرسته الآباء والأجداد.
(مولاي علي براشد و السيدة الحرة
واراضيين عليك لآخر الزمان
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
ليغارة ليغارة
باروحنا نفديك و الله علينا شاهد
مولاي علي براشد و السيدة الحرة
و راضيين عليك لآخر الزمان
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
ليغارة ليغارة
بأروحنا نفديك و الله علينا شاهد
أول حب أنا عشت في الحارة
أول حب عشت في الحارة
هاديك الحارة
ملي طيفك لاح
الزمن وقف
من بين دروب الحارة , دروب الحضارة
أول حب انا عشت في الحارة
أول حب عشت في الحارة
هاديك الحارة
ملي طيفك لاح
الزمن وقف
من بين دروب الحارة , دروب الحضارة
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
ليغارة ليغارة
بأروحنا نفديك و الله علينا شاهد
مولاي علي براشد و السيدة الحرة
و راضيين عليك لآخر الزمان
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
يا شفشاون يا نوارة
يا الحبيبة يا المنارة
ليغارة ليغارة
بأروحنا نفديك و الله علينا شاهد)
اشتق لفظ شفشاون من لفظ أمازيغي “إيساكون” أو إيشاون” والتي تعني “القرون” وكلمة “شف” تعني “انظر” أي انظر القرون”، في إشارة إلى القمم التي تحتضن هذه المدينة من كل الجهات.
الشاون قلعة الصمود ضد المستعمر البرتغالي للدفاع عن الجبل العالي من أجل نصرة الدين في الوطن الغالي .
وواحدة من تلكم الجبال التي خرت هدا ، فتصدعت طوعا أو كرها أمام الإرادة والإدارة المغربية التي ارحلت ارتجالا وانتقلت ركوبا وانتعالا وطارت طيران الشاهين فحصل لقاء يكاد يشبه لقاء المهاجرين والأنصار وقد استحضر هذا النشيد : طلع البدر علينا ….في لحظة من لحظات مباشرة العميات بمختلف السبل والآليات في كل شيء مع اخلاف في السياق والقادمين من جميع الأمصارمن داحل وخارج الديار أنصارا لقضية شهيد القدر ريان فأبدعوا في صنع المعروف وهو فيهم العمل المألوف خلال وقوع الحدث فنبتوا في الأرض كأنهم أشجار يظل بعضها بعضا ويلقح بعضها بعضا ويسقي بعضها بعضا ومن دون حادث ولا شجار وتبثوا واقفين غراسا مثمرة ثمارا في غير فصلها وأعينهم إلى الغار وأسماعهم ترفض أن تَلتقط عنه كل مضرة فلا تكاد تسمع إلا همسا فتسر إليهم عنه مسرة صفا صفا ، حتى إذا دكت الأرض دكا دكا صاح الجميع حمدا لله وشكرا لله وتكبيرا لله على تحرير الطفل البار بوالديه وهو ما استوعب بعد معنى البرور بوالديه ووطنه وملكه والناس أجمعين إلا في إظهار الحب الكبير للجميع حتى الحيوانات أحس بحب وهو سيد الأطفال ولم يلج المدرسة بعد ويحب أن ينادى عليه (سي ريان ) كما يحكي عنه جده : (أنا سي ريان بلا قراية) وفعلا كذلك كان ؛ تسيد عرش قيم تفتقد فأحياها خلال أسبوع .
ثم ما لبث القدر أن نطق : لكل أجل كتاب ، قدر الله وما شاء فعل ليهمس عقبها العطف والحنان والتكرمة والحب في صورة جميلة يرجوها كل منا في خير فتحقق الوصال فلم يترك للدمع مجال أن يسال من غير بروتوكول والأمر كله لله موكول في أذن الوالد والوالدة معزيا مؤنسا مواسيا مؤازرا مستضيفا عملا بقول جده المصطفى صلى الله عليه وسلم : اصنعوا لآل جعفر طعاما .
رحمك الله يا ريَّا وتصافحت ملائكتنا يوم تعذر اللقيا وأدام علينا مبرات ومكرمات العطوف الحنون الذي يتألم بألم بشعبه متى أصابه قدر محتوم ويسعد ويفرح بفرح شعبه الخدوم.
إنا خلف جلالة الملك محمد السادس حفظه المولى من كل مكروه وبلوى اقتداء واقتضاء لا قضاء.
شكرا لوطن ، خر الجبل هدا متصدعا من صموده وفاء بعهوده عملا بمبدأ مواجهة الأقدار بالأسباب ؛ عبادة فأضفى عليها مزيدا من العادة بصيغة مغربية في الفعل التضامني المدني والرسمي المؤسساتي.
حفظك الله جلالة الملك محمد السادس وجعل جزاءك أعلى مراتب الجنان وصدق جدك المصطفى وهو القائل ﷺ : إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ. متفقٌ عَلَيْهِ.
صبرا لآل ريان وتقبله اللهم عندك ضيفا حالا بالرحمات على كل فقيد .
حفظ الله المغرب ملكا وشعبا وأدام على أهل المغرب السلامة والأمن .
وشكرا لعزيز البلاد وشكرا لله على نعمه فالعجب كل العجب لأمر المؤمن الذي بين السراء والضراء ثم لا يجد فيهما إلا خيرا .
أكيد أن يوما ما سنكون مع رواية ، قصة تستلهم من تاريخ الحدث فيكون بطلها الطفل ريان وخلفه أمة بأكملها بل الإنسان على الذكرى بصير .
إنها القصة التي تروى فلا تطوى ، ولكل منها نصيب وكل منها يستنبط فقه الحياة التي أبت لحظة الفاجعة إلا أن توقف العالم بأسره وبدياناته وإثنياته فتتحول العدسات نحو البئر الغادرة متتبعة أدق تفاصيل الحدث لحظة بلحظة في سياق مشحون بسياقات سياسية وايديولوجية للسياق الكروي الإفريقي فيها نصيب ، فلم يصرف – على الرغم من قوة الساحرة – الأنظار عن صاحب عنزة ؛ الطفل المصلح للمجتمع في سويعات وكأني به غاندي الصغير ، صاحب العنزة الذي أرسى أسس السلم في مجتمعه وعلى نفس المقاس صاغ القدر الحدث فاجتمعت الإنس بشهود الجن أنه حدث يهدي إلى الرشد فآمنوا بقيم مشتركة وما أكثرها؛ تلك التي كادت تفقد فأحياها علَم شفشاون الصغير في الجسد والسن ، الكبير في القيمة والمعنى والدلالة والروح .
تنزلت الحبال إلى قاع الجبال أملا في استمرار الحياة ثم ما لبثت تلكم الجبال أن خرت فهدت فتصدعت فانشقت الصخرة فتحررت النفس غير الذنوبة وغير اللوامة وهي نفس مطمئنة في الحياة فكيف بها في الممات التي أعلنت إذ مكر القدر بالروح التي اصطفاها الله لجواره إذ أحيت أرواحا ميتتة دونتها أقلام وتلا الجمع تفاصيلها صحفا وألواحا .
رحماك ربي لكل مذنب استغفر فما لنعمائك استكفر وما لقدَرك استنكر .
ودعتنا يا غاندي الصغير يا صاحب العنزة البيضاء ، بياض الثلج وبياض اللبن وبياض البدر في ليلة ظلماء بعدما خلَّفت قلوبا بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها باستحضار قصتك مع عنزتك التي تحبها وتحبك إلا من لم يوفق فيقول لسان حالك ما قاله سيد المسلين في صحبه لا تؤذوني في أصحابي أو كما قال : الله الله في أصحابي وأنت على هديه تخاطبنا حيا لا تؤذوني في عنزتي كما روى عنك الرواة الثقاة وتناقلته جماعة عن جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب .
الجامع بين العلمين : غاندي وريان ؛ حب عنزة بيضاء وإرساء السلم في المجتمعات وبعث قيم الحياة المشتركة بين خلق الحق بصرف النظر عن كل انتماء ديني أو اثني .
فاتقوا الله عباد الله في خلق الحق شجرا كان أو حجرا أو بشرا أو زرعا أو ضرعا قالها الصغير وهو يرافق دوما تلك البيضاء ويرفق بها .
فاتقوا الله عباد الله في خلق الحق شجرا كان أو حجرا أو بشرا أو زرعا أو ضرعا قالها الصغير وهو يرافق دوما تلك البيضاء ويرفق بها .
دونتها وأذان الظهر يرفع لتعقبه صلاة الجنازة على ما جرى به العمل في التقليد الجنائزي المغربي والدموع تسقط تباعا كرها فأحبسها فتندفع فأرتعد ويرجف فؤادي لصغير عز على الجميع فراقه .
وداعا ريان من : حفرة الظلمات إلى (روضة من رياض الجنة) .
وصدق الحق في ترشيد الخلق فقال جلت قدرته وعزت عظمته”وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” .