سلايدشو

الصحافة الجادة و المسؤولة… ملتزمة بقواعد أخلاقيات المهنة.

بات من المسلم به، أن بناء مجتمع ديمقراطي عصري، مؤسس على قيم و واجبات، و رصد كل المخاضرات العسيرة التي يعيشها المجتمع الواحد و المركب، عملية شاقة، تظل في حاجة ماسة إلى صحافة جهوية جادة و مسؤولة إلى جانب الصحافة الوطنية الورقية و الإلكترونية .
طبيعة التحولات التي طرأت على بنية المجتمع المغربي مجاليا و سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا، تستدعي وجود صحافة جهوية، قادرة على استعاب طبيعة تلك التحولات و تفكيكها و مواكبتها بشكل دقيق مع ضرورة الحرص على طرح الأسئلة المحرجة و الحارقة في عملية البحث عن كل الأجوبة الممكنة و الضرورية، الكفيلة بخلق نوع من التناسب و التوازن المطلوبين بين حاجيات الفرد و المجتمع ضمن مجاله الجهوي بخصوصياته الثقافية و السياسية و الإقتصادية .
و صف الصحافة ب ” السلطة الرابعة ” داخل المجتمع لم يأت من فراغ و لم يكن إعتباطيا، بل إنه يعبر عن أهمية الصحافة في مراقبة و تتبع كل التفاصيل التي ترتبط بسياسة التسيير المحلي و الإقليمي و الجهوي .
التجربة الإعلامية و الصحفية بالمغرب لم تكن مفروشة بالورود، بل إنها تجربة عاشت محاضرات عسيرة، و كانت فاتورتها مكلفة جدا في إطار سوء الفهم الكبير الذي أطر علاقتها بالدولة منذ عقود خلت في السبعينيات و الثمانينات.
أمام هذا الرصيد القوي من التضحيات، بات لزاما على كل من يقتحم عالم الصحافة، التي أصبحت رقمية و لم تعد تقتصر على ماهو ورقي، استحضار المسارات الصعبة التي منها الأجيال السابقة من الصحفيين و العمل في إطار الأخلاقيات المتعارف عليها وطنيا و دوليا لممارسة مهنة المتاعب و بالعودة إلى أهمية الصحافة الجهوية في إطار دعم سياسات القرب في مجال الإعلام، نجد أن هناك معطيات أساسية ينبغي استحضارها في عملية رصدنا لوقائع هذه الصحافة التي تحتاج إلى كل الدعم من أجل أداء رسالتها و ممارسة دورها في إطار الحريات العامة و القوانين المؤطرة لممارسة العمل الصحفي المهني الحر .
و تضعنا محاولة فرز واقع الصحافة الجهوية بالمغرب أمام نوعين من الصحافة الجهوية : نوع إستوعب، بالفعل أهمية العمل الصحفي في إطار رؤية شاملة تروم المساهمة في بناء مجتمع ديمقراطي، خاضع لمراقبة السلطة الرابعة خارج منطق المساومة و الإرتزاق و الإبتزاز .
هذا النوع من الصحافة الجهوية، الملتزمة بقواعد و أخلاقيات المهنة، غالبا ما تجد لدى ممتهنيها تجارب سابقة و إدراكا جيدا لأبجديات العمل الصحفي و وهيا كبيرا جدا بالقوانين المنظمة لها .. انه نوع يعرف كذلك متى تبتدىء حرية العمل الصحفي و أين تنتهي ؟ النوع الثاني من الصحافة الجهوية نفعي و بحكمه منطق انتهازي، و سياقات تأسيسه عادة ما تكون مرتبطة بأشياء تصير معها المؤسسة الصحفية، أما وسيلة للإبتزاز في العلاقة مع السلطات المنتخبة أو القطاع الخاص، أو تأخد وصف أصل تجاري يوظف بطريقة مافيوزية لحماية مصالح إقتصادية أو تجارية معينة .
هذا النوع يستطيع، للأسف الشديد، بالنظر إلى إمكانيات المادية، أن يضمن لنفسه الإستمرارية دون الحصول على دعم الدولة و رقم لجنتها الثنائية و له ميزة خاصة ترتبط بطريقة النشر و تنظيم الإدارة .
– ” مساوات الدعم العمومي لجميع الجرائد منها ما هو ورقي و إلكتروني طبقا للمعايير القانونية “.
كما ينبغي على الوزارة الوصية التعاطي مع كل العناوين الصحفية على قاعدة أساس دستوري هو المساوات و تكافؤ الفرص، و ليس بمنطقة ٱخر، نترك القارىء حرية فهمه كيفما يشاء .
و الوزارة الوصية مطالبة، من جانبها، بالتنسيق المحكم مع فيدرالية الناشرين و النقابة الوطنية للصحافة المغربية و جميع الهيئات التي لها نفس الأهداف في ما يخص دراسة الدعم للجرائد الورقية و الإلكترونية .
كما أنها مطالبة بتطبيق المعايير الأخلاقية في منح الدعم الذي يبقى، أولا و أخيرا مالا للدولة .
من المؤسف جدا، و هذا يشوش على صورة الصحافة باعتبارها سلطة رابعة داخل المجتمع، أن تتحول بعض المنابر الجهوية إلى وسيلة للإرتزاق و ممارسة الإبتزاز بكل أصنافه، فتتحول مهنة صحفي، نتيجة نتيجة لذلك إلى رخصة قانونية للإبتزاز و المس بأعراض الناس .
إن على السلطة الرابعة، عندما يتوفر لديها المعطى اليقين و الخبر اليقين، أن تمتلك الشجاعة لتناولها، أما الإمتناع عن ذلك لسبب ما، فاعتقد أنه قمة الإحتقار و التسفيه المهنة .
أن الصحافة الجهوية الجادة و المسؤولة، التي ستحظى باحترام الناس، هي الصحافة التي توجد بالفعل على مسافة واحدة بين الكل، في الواقع و ليس في الخطاب، الصحافة رأسمالها ينبغي أن يكون هو القارىء أولا و أخيرا، و ليس الجماعات المحلية، و ليس مجالس العاملات و المجالس الجهوية و منزلي الحفلات و الشركات، صحافة تستحضر أخلاقيات المهنة و لا تنصب نفسها خصما في إطار لعبة شد الحبل بين المنتخبين، الصحافة الجهوية الجادة و المسؤولة عندما تخطىء، يجب عليها أن تمتلك الشجاعة و تعترف بالخطأ و تعتذر إلى القارىء، و ليس استهجانه و وضع الذات في موقع المظلومين للإستقواء على الناس و محاولة التأثير في السلطة، بيانات التضامن التي اخترقت البعض توقيتها دون البحث في أسباب النزول .
الصحافة الجهوية الجادة و المسؤولة لم تؤسس لتصبح بوقا لطرف ضد طرف المهنية تقتضي من ممارسي السلطة الرابعة ان يلعبوا دور المراقب و المتابع و ليس دور ساعي البريد .
الصحافة الجهوية كما ينبغي عليها أن ترصد كل الأخبار التي تروج على صعيد الجهة التي توجد بها يكون مصدرها من عين المكان، عليها كذلك أن تلتقط معاناة الناس و تفضح ما يمكن فضحه من اختلالات، و ليس التكتم عليها و تلميع صورة المفسدين في أموال البلاد و العباد .
إلى كل الصحفيين الجادين إقرأ سلامي و إلى كل مبتذل مرتزق بشرف هذه المهنة أبعت لعناتي .
البداوي إدريسي : المدير المسؤول لجريدة الأحداث الأسبوعية ” م- ن ” و الكاتب العام للإتحاد الوطني المستقل لقطاع الصحافة و الإعلاميين .

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *