إذا كان المغرب تجاوز بسلام التحذير الأوروبي في مارس 2019 المهدد بإدراجه في القائمة السوداء للملاذات الضريبية، فإنه فشل في الخروج من القائمة الرمادية، رغم أن الاتحاد الأوروبي نفسه كان يرجح، في تقرير الصادر في شهر فبراير الفائت، إمكانية خروج الرباط من المنطقة الرمادية في أكتوبر الحالي. لكن يبدو أن المغرب حصل على مهلة إضافية من الأوروبيين، نظرا إلى الوضعية الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا المستجد منذ مارس الماضي، لتنزيل الإصلاحات التي التزم بها، والتي يطالب بها الاتحاد الأوروبي.
في هذا الصدد، أوضح تقرير صادر عن الحكومة الأوروبية، الثلاثاء الماضي، عقب اجتماع وزراء المالية الأوروبيين، أنه تقرر الاحتفاظ بالمغرب في القائمة الرمادية في اللائحة الرمادية للجنات الضريبية التي يصدرها الاتحاد الأوروبي. وبينما استطاعت دولتان مغادرة اللائحة الرمادية الصادرة في فبراير 2020، والتي كانت تضم 13 بلدا، بقي المغرب في اللائحة الجديدة التي تضم اليوم 10 دول هي: أستراليا، بوتسوانا، إسواتيني، الأردن، جزر المالديف، المغرب، ناميبيا، سانت لوسيا، تايلاند، وتركيا، فيما تمكنت دولتا منغوليا والبوسنة والهرسك من الانعتاق منها، في حين هوت دولة أنجويلا إلى القائمة السوداء، التي تضم 12 دولة وهي: ساموا الأمريكية، وفيجي، وغوام، وبالاو، بنما، ساموا، سيشيل، ترينيداد وتوباغو، فانواتو، وجزر فيرجن الأمريكية، فيما انعتقت منها دولتا عمان وجزر كايمان.
وقالت مصادر أوروبية إن بروكسيل منحت دول اللائحة الرمادية مهلة من أجل تحسين وتجويد نظامها الضريبي، وكذلك القيام بالإصلاحات الضرورية التي التزمت بها، مبرزة أن أزمة فيروس كورونا جعلت الاتحاد الأوروبي يتعامل بمرونة مع بعض الدول التي لم تحقق ما التزمت به في فبراير الماضي.
وكان باولو جينتيلوني، المفوض الأوروبي المكلف بالاقتصاد، أوضح في مناسبة سابقة أن «المفوضية الأوروبية تقدر كثيرا الجهود التي يبذلها المغرب لإزاحة أي
تعارض بين المعايير الدولية والنظام الضريبي المغربي»، مسجلا أن «تعاوننا في هذا الشأن كان ولايزال وثيقا للغاية»، وأضاف أنه إذا كان المغرب لايزال مدرجا على القائمة الرمادية، فهذا «ليس دليلا على نقص الالتزام أو الطموح في هذا الاتجاه»، واستطرد: «إننا نرحب بالإصلاحات التي ينفذها المغرب بموجب قانون المالية للعام 2020، والذي يعمل على تعديل ثلاثة أنظمة ضريبية تفضيلية اعتبر الاتحاد الأوروبي أنها معتلة». ورجح المتحدث ذاته حينها فرضية مغادرة المغرب القائمة الرمادية قائلا: «إذا كان المغرب لم يخرج بعد من القائمة الرمادية، فالسبب ببساطة هو أن المفوضية الأوروبية تنتظر الانتهاء من تقييم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لنظام القطب المالي الضريبي للدار البيضاء». لكن، يبدو أن هذا الخروج مازال صعبا إلى حدود الساعة.
وتابع المتحدث الأوروبي قائلا: «عندما يضع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التدابير نفسها بالتوازي، فإن المفوضية الأوروبية تنتظر دائما إتمام الإجراء من لدن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قبل إصدار قرارها»، مسجلا أنه «إذا اختتمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إجراءها كما هو مسطر، فمن المحتمل جدا أن يقوم الاتحاد الأوروبي بإخراج المغرب على نحو نهائي من القائمة الرمادية خلال تحديثه المقبل في أكتوبر المقبل (يقصد أكتوبر الحالي)».
يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي كان يتجه في مارس 2019 إلى إدراج المغرب في القائمة السوداء، ما أزعج الرباط، حيث كان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، رد حينها على الأوروبيين قائلا: «هذا الإجراء تفوح منه رائحة السياسة، وشخصياً، أعتقد أن المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي يجب أن تكون شاملة؛ إذ كيف يقع التعاون مع أوروبا في محاربة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية والهجرة غير الشرعية، ويطلبون منا أن نمنع التدفقات، وفي المقابل، يأتون ليهددونا بنقلنا إلى القائمة السوداء؟ ماذا يعني هذا؟».