في أوج جائحة “كورونا”، ظهر إلى واجهة النّقاش العمومي مطلب تنظيم انتخابات 2021 في وقتها، بعدما أبدت جميع مكونات الأغلبية والمعارضة حماساً غير مسبوق لفكرة إجراء الانتخابات، مطالبة رئيس الحكومة بمواصلة مسار المشاورات في هذا الصدد.
نقاشُ تنظيم الانتخابات في وقتها وإن كان في مراحله الأولى، أصبحَ واقعاً يفرض نفسه على السّاحة السّياسية المغربية، في وقت يشهدُ فيه الاقتصاد الوطني تراجعاً غير مسبوق بفعل مخلّفات “ازمة كورونا”، وهو ما سيتطّلب سنوات طويلة لاسترجاع عافيته.
مظاهر الأزمة الاقتصادية تبدو ظاهرا من خلال توجّه الحكومة إلى إلغاء مناصب الشغل العمومية واعتماد سياسة تقشّفية ستؤثّر لا محالة على توجّهات الدّولة وقراراتها المركزية، بينما تتشبث الأحزاب الوطنية بضرورة تنظيم الانتخابات العام المقبل بما يتماشى والمصلحة الوطنية.
وتستعد الأحزاب السياسية لتقديم مذكرات مكتوبة تبسط من خلالها تصورها للعملية الانتخابية، حيث طفت على سطح هذه المطالب الدعوة إلى إلغاء العتبة والعودة إلى النظام الفردي كنمط مبسط من الاقتراع يقسم الدوائر الانتخابية بشكل متساوٍ، بحيث إن كل دائرة لها ممثل وحيد في البرلمان.
وفي هذا السّياق، قال محمد الشّاهدي، باحث في العلوم القانونية، إنّ “جائحة كورونا خلّفت آثاراً سلبية همّت بالدّرجة الأولى الاقتصاد الوطني، بحيث تتّجه الحكومة إلى إلغاء مناصب الشّغل بغيةَ التّخفيف من تداعيات الجائحة وضخ دماء جديدة في الاقتصاد المحلي، مما سيؤدّي إلى رفع نسبة البطالة بين الشباب إلى مستويات قياسية”.
واعتبر أنّ “تنظيم انتخابات من هذا الحجم، “يتطلّب ميزانية ضخمة، وهو ما يتناقض والوضعية الحالية التي تمر بها المملكة، مما يجعل الحكومة مجبرة على تأجيل هذه الانتخابات إلى تاريخ لاحق، وذلك استنادًا إلى مجموعة من الأسباب والمبررات”.
من هذه الأسباب، ذكر الباحث المغربي “ما هو واقعي موضوعي يتطلب على الأقل سنة بعد رفع الحجر الصحي لكي تتعافى القطاعات الاقتصادية والتّرابية على أساس أن تتخذ الحكومة التدابير اللازمة للتخفيف من هذه الأضرار”.
وزاد أنّ “اهتمام المواطن بالشأن السياسي والانتخابي سيكون ضعيفا، مما قد ينتج عنه عدم ذهاب النّاس إلى صناديق الاقتراع”.
وختم الباحث تصريحه بالقول إنّ “التصويت من شأنه أن يضع الناس بين خيارين صعبين، أي بين الحرص على الواجب الديمقراطي، وبين التّوجس من الإصابة بفيروس كورونا الذي يبدو أنّه ما زالَ واقعاً يفرض نفسه على المغاربة”.