آراءسلايدشو

خطاب جلالة الملك أمام البرلمان : رسائل قوية و إرادة صلبة لتحقيق الأمن المائي و الإستثمار المستدام كمسار إستراتيجي لمغرب السيادة و التمكين .

بقلم: البراق شادي عبد السلام

باراديغم جديد برسائل غاية في الأهمية وجهها جلالة الملك محمد السادس  أمس في خطابه السامي بمناسبة إفتتاح  الدورة الأولى من السنة التشريعية التانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، حيث حدد مسارين إستراتيجيين يجب العمل عليهما من طرف كل أطياف النخبة السياسية بشكل آني و مستعجل و بتوجيهات ملكية صارمة بجعلهما فوق المزايدات السياسية الضيقة أو الحسابات الإنتخابوية الأنانية و العمل على الرفع من مستوى الأداء البرلماني وزيادة التنسيق والتكامل المؤسساتي بين جميع الفاعلين .

مضامين الخطاب الملكي السامي حددت بشكل مباشر المسؤوليات و تجاوزت منطق التشخيص التقليدي للمشكلات بل إنطلقت بلغة واضحة و صريحة تعدد الإنجازات و طريقة العمل الآني و المسار الإستراتيجي المقبل بأهداف محددة واضحة و بأرقام دقيقة وجب على المسؤول كيفما كان موقعه لزوما تنزيلها متسلحا بالحكامة الرشيدة و الإدراك الدقيق لخطورة المرحلة و جسامة  الأمانة الملقاة على عاتقه و تأثير إلتزامه الوطني بشكل مباشر على المعيش اليومي للشعب المغربي .

تطرق الخطاب الملكي لمسارين إستراتيجين هما : مسار الأمن المائي كخيار إستراتيجي بإلتزام ملكي و مسار الإستثمار المستدام كطريق وحيد و أساسي لتحقيق التنمية .

▪️الأمن المائي.. التزام ملكي راسخ و رؤية تنموية مستدامة  :

مع توالي موجات الجفاف و التغيرات المناخية و الصراعات العسكرية التي عرفها العالم مؤخرا خاصة و الهزة الكبيرة التي أحدثتها جائحة كورونا وتداعياتها المدمرة إنتبهت مراصد الفكر الإستراتيجي العالمي ومراكز تحليل السياسات الدولية إلى أهمية الأمن المائي و علاقته الوطيدة و المتشابكة مع الأمن البشري بصفة عامة و مدى تأثيره على  إستقلالية القرار السياسي و الإقتصادي و أن تحقيق الأمن المائي أصبح هدفا إستراتيجيا لمختلف الشعوب و الأمم المتطلعة للقطع مع التبعية التي فرضتها ظروف و سياسات إستعمارية دولية سابقة مرتبطة بنتائج الحرب العالمية الثانية و صراع الأقطاب في زمن مضى . 

حيث أن عنصر المياه سيكون فعالا في أية تموقع  إستراتيجيي  دولي مقبل ، كما سيلعب عنصر المياه دوراً كبيراً في إعادة توزيع خريطة القوى السياسية الإقليمية و الدولية في عالم مابعد كورونا .

مع إتساع مفهوم الأمن القومي والذى لم یعد قاصرا على الجوانب العسکریة و الأمنية فقط وإنما إمتد لمفهوم الأمن البشري فتعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  PNUD  لعام 1994 في تقرير التنمية البشرية للأمن البشري توسع  ليشمل سبعة مجالات هي: الأمن الإقتصادي – الأمن الغذائي – الأمن الصحي – الأمن البيئي – الأمن الشخصي – الأمن المجتمعي ثم الأمن السياسي .

ظهر مفهوم الأمن القومي المائي ، باعتباره أحد أهم أبعاد الأمن القومي، ولما یمثله من أهمیة فی التنمیة وأمن الدولة ، لتتجه  العدید من الدراسات لتعریف مفهوم الأمن المائي على أنه “إحتیاجات الفرد المائیة على مدار العام“ وهو ما عُرف بـ“ حد الأمان المائی “( Water Stress Index )، وهو متوسط نصیب الفرد سنویًّا من الموارد المائیة المتجددة والعذبة، في الإستخدامات الإنتاجیة مثل الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. فمتوسط استهلاك الفرد عالمیًّا 1000 م3، فی حین أنه يوجد  شبه اتفاق إقلیمي في منطقة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط  على أن متوسط نصیب الفرد سنویًّا یصل إلى , 500 م3  مما يشكل تهديدا مباشرا  للأمن و الإستقرار الإقليمي و الوطني.

حسب تقرير أورده معهد واشنطن لتحليل السياسات فسكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المحتمل أن تواجه أزمة خطيرة على المتوسط القريب تتمثل في ندرة الموارد المائية، والتي من المتوقع أن تؤدي لأزمة مائية حادة، يعقبها مباشرة أزمة غذائية  تضرب المنطقة، مما سيخلف مجاعات متعددة ،ربما يتبعها صراعات وأعمال عنف واسعة النطاق تؤدي إلى تفاقم أزمات إنسانية مزمنة .

في المغرب تراجع مستوى ملء حقينة سدود المملكة إلى 30 في المائة، بإحتياطي لا يتجاوز 4 مليارات و842 مليون متر مكعب؛ مما ينبأ  بقدوم أزمة ماء خطيرة، بل وأزمة عطش قد تتأثر بها المدن و المراكز الكبرى ، خاصة مع انخفاض مستوى المياه في السدود التي تزودها بالماء الشروب.

 إستفاد قطاع الماء بعناية ملكية خاصة، من خلال تخصيص جلالة الملك محمد السادس عدة جلسات عمل خاصة بموضوع الماء أعطى خلالها توجيهات لكافة الأطراف المتدخلة، وهي الأهمية التي تندرج في إطار إستمرارية الرؤية الملكية بالسياسة المائية التي كانت التصورات النيرة للمغفور له الحسن الثاني أساس بناءها، فقد أطلق سياسة السدود في زمن مبكر ، وما تزال مصدر أمان مائي لبلادنا و هو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بحرصه ” منذ تولي جلالته عرش أجادده الميامين ، على مـواصلة بناء السدود، حيث قمنا بإنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز. ” ..///

المملكة المغربية برؤيتها الإستشرافية من أجل مستقبل مستدام ، و بتوافق مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس و في إنسجام تام مع الإتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف المهتمة بموضوع المياه و التغيرات المناخية كانت من الدول السباقة للإشتغال في هذا الموضوع منذ نهاية الستينات بإعتماد سياسة السدود حيث توفر بنية تحتية عملاقة لتخزين المياه تتمثل في 145 سدا كبيرا بسعة إجمالية تتجاوز 18.6 مليار متر مكعب و من المقرر إنجاز أكثر من 27 سدا كبيرا في أفق 2027 بسعة تخزين تتجاوز 27.3 مليار متر مكعب ، ليتم وضع إستراتيجيات وخطط إستباقية لمواجهة هذا الوضع المقلق و المحتمل فوضع المغرب برامج جد رائدة في المجال كالإستراتيجية الوطنية للماء (2010 – 2030) إستثمارية تقدر بأكثر من 82 مليار درهم ، والبرنامج الوطني للماء (2020 – 2050) و البرنامج الوطني للتزويد بماء الشرب ومياه السقي 2020-2027 بتكلفة إجمالية بلغت 115 مليار درهم (نحو 12 مليار دولار). والبرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة بتكلفة إجمالية تقدر بـ 43 مليار درهم لتجهيز 260 مدينة ومركزا ما يشكل 10 ملايين نسمة. حاليا بلغ عدد المدن المعنية 383 ما يغطي 12 مليون نسمة. على المستوى التشريعي والمؤسساتي فقد تم تسجيل تقدم مهم من خلال سن قانون الماء 36-15 عوض القانون 95-10 مع التأكيد على استمرارية تدبير وحماية الموارد المائية على صعيد الحوض المائي. أما على المستوى المؤسساتي وضع هذا القانون أسس التدبير المندمج والتشاوري والتشاركي واللامركزي للموارد المائية.

ثم  إصدار القانون 15-30 المتعلق بسلامة السدود الذي ينص على إلزامية تصنيف السدود وعلى ضبط قواعد سلامتها بنصوص تنظيمية. 

لكن الملاحظ أن البرامج والخطط المعتمدة المتعلقة بقطاع الماء تقتصر في غالب الأحيان على وضع الإحتياجات الإستثمارية دون تحديد خطة وآليات التمويل واضحة المعالم و الأهداف .

الخطاب الملكي السامي اليوم يقدم أربع محاور أساسية وجب العمل عليها بشكل إستعجالي فهو يشكل نواة إرادة سياسية راسخة و قرارا وجب على جميع المتدخلين التفاعل معه بشكل إبجابي و تلقائي بعيدا عن الحسابات الشخصية أو الحزبية فالخطاب الملكي السامي في إفتتاح الدورة الخريفية يمكننا إعتباره خارطة طريق متكاملة لإنقاذ الأمن المائي للمغرب و السير قدما حو تثمين و الحفاظ على المقدرات المائية خدمة للأجيال المقبلة حيث أكد جلالته  : 

 ” ونريد التركيز هنا، على بعض التوجهات الرئيسية :

– أولا : ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، و استثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة، في مجال اقتصاد الماء، وإعادة استخدام المياه العادمة.

– ثانيا : إعطاء عناية خاصة لترشيد استغلال المياه الجوفية، والحفاظ على الفرشات المائية، من خلال التصدي لظاهرة الضخ غير القانوني، و الآبار العشوائية.

– ثالثا : التأكيد على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات.

وهو ما يقتضي التحيين المستمر، للاستراتيجيات القطاعية، على ضوء الضغط على الموارد المائية، وتطورها المستقبلي.

– رابعا : ضرورة الأخذ بعين الاعتبار، للتكلفة الحقيقية للموارد المائية، في كل مرحلة من مراحل تعبئتها، وما يقتضي ذلك من شفافية وتوعية، بكل جوانب هذه التكلفة. ” إنتهى خطاب سيدنا .

▪️” مشروع الماء ”  النموذج التنموي و  إلتزام مبدئي بالرؤية الملكية : 

إشكالية ندرة المياه تعتبر من بين المسائل المُستعجلة وذات الأولوية بالنسبة للمغرب في الفترة الحالية، والتّي تتطلب المعالجة المُمنهجة، ومن أجل رفع التحدي المستقبلي لهذه الإشكالية  إقترح النموذج التنموي الجديد  “مشروع الماء ” الذي يندرج في إطار سعي المغرب إلى تنزيل  الحكامة المندمجة والمستدامة الطويلة الأمد للموارد الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية الهشة وتنفيذ التزامات المغرب الدولية في مجال مكافحة آثار التغيرات المناخية.

و بهدف إستراتيجي هو الحفاظ على  الأمن المائي للمغرب وإرسائه على أسس متينة ومستدامة، من خلال حلول تتجاوز الاختلالات التي تعتري قطاع الماء على مستوى الحكامة والتسعيرة والتثمين والاستعمال المعقلن بوضع مشروع مندمج  يتمحور حول خمسة محاور إستراتيجية  :

▪️ إحداث وكالة وطنية لتدبير الماء ستحل محل اللجنة المشتركة بين الوزارات المتعلقة بالماء، وذلك من أجل تعزيز إلتقائيةالسياسات العمومية والقطاعية مع تنزيلها على المستوى الجهوي، حسب كل حوض مائي و تعزيز الإستقلالية المالية والتقنية لوكالات الأحواض المائية بتدعيمها بالمزيد من الموارد البشرية والمادية و إعادة تفعيل دور المجلس الأعلى للماء والمناخ وتعزيز إختصاصاته ، كهيئة عليا في مجال الماء منوط لها مهمة التشاور والتوجيه وتقييم السياسة الوطنية في قطاع الماء . 

▪ إحـداث مقابل لخدمات البنيات التحتية للتعبئة، وذلك لاستجابة للحاجيات الكبيرة من الاستثمار، ولتخفيف الاختلالات في اختيار الاستثمارات، والناجمة عن مجانية خدمات السدود وخدمات الري.

▪الفصل بين قطاعي الماء والطاقة بإجراء إصلاح عميق للمكتب الوطني للماء والكهرباء، حيث ستجعل هذه العملية كلا من الفرعين، الماء والكهرباء، مستقلين عن بعضهما البعض، بما يمكن من فك الموازنة الضمنية ما بين القطاعين وجعل نموذجهما المالي أكثر شفافية، وذلك في أفق إصلاحات لتسعيرة كل منهما بطريقة مستقلة، ستمكن كلا الفرعين من ذمة مالية مليئة على أساس دعم واضح من الدولة، إذا كان ضروريا، للخدمات المقدمة للساكنة الهشة.

▪إعتماد تسعيرة منسجمة، تعكس القيمة الحقيقية للماء وتحث على عقلنة الاستعمالات، حيث سيؤدي اعتماد الإصلاح المشار إليه تلقائيا إلى الزيادة في التكلفة بالنسبة لمكاتب ووكالات التوزيع، مما سيؤثر على التعريفات المطبقة على مستعملي الماء الصالح للشرب، وكذلك مستعملي مياه السقي، وتبعا لذلك فمن الضرورة إعادة النظر في تسعيرة الماء لجميع المستعملين، أخذا بعين الاعتبار التكلفة الحقيقية للإنتاج ولوضع مقابل للخدمات المقدمة من طرف البنيات التحتية المائية.

▪ الحفاظ على المياه الجوفية وتعبئة الموارد غير التقليدية خاصة عن طريق تحلية مياه البحر، حيث ستمكن التعبئة الكبيرة للماء عن طريق تحلية مياه البحر من ضمان مورد إضافي لتزويد الدوائر السقوية والمدن الساحلية بالماء، ولتوفير موارد مائية إضافية للدوائر السقوية والمدن الداخلية. كما ستتيح الحد من هدر كميات كبيرة من المياه.

” مشروع الماء “يروم إحداث حوالي عشرين محطة  لتحلية ماء البحر  عن طريق  الشراكة بين القطاعين العام والخاص و إعتماد الإستثمارات الخاصة ، بالإضافة إلى ذلك، سيمكن من إنشاء بنيات تحتية للربط بين الأنظمة الهيدروليكية لأجل  التخفيف من النزاعات حول استعمال الماء.

النجاعة المائية أصبحت خيارا إستراتيجيا للمغرب في مجال تدبير الماء خاصة في مجال المدن والتعمير، إذ ينبغي إدماج بُعد النجاعة المائية في التصور المستقبلي. وضمان بُعد استدامة الماء بالنسبة للمواطنين والأنشطة الاقتصادية، وفي نفس الوقت تثمين إستعمال الماء. 

المجتمع المدني و أصحاب المصلحة مدعو هو الآخر للإنخراط في هذا المجهود الوطني بتنظيم حملات تحسيسية و دورات تكوينية و تدريبات لفائدة المواطنين لتوعيتهم بأهمية الاستهلاك المعقلن للماء والحد من هدر هذه المادة الحيوية، إلى جانب المحافظة على الفرشة المائية وتطعيمها بهدف إستغلالها مستقبلا في حال توالي سنوات الجفاف.

لذا على  الدولة المغربية  تطبيق حلول مستدامة وبديلة لتجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه بشكل عام، وعلى رأسها حلول مندمجة تمزج بين إستعمال المياه السطحية والمياه الجوفية، إضافة إلى الإقتصاد في الماء، ثم معالجة المياه العادمة وتحلية مياه البحر  ، والإنتقال إلى التدبير المندمج للماء من طرف منتجي ومستهلكي هذه المادة الحيوية، لأن هذا التدبير سيتيح إستغلالا أكثر فعالية وأكثر نجاعة ومردودية، وسيضمن الماء الصالح للشرب للمواطنين بأقل تكلفة، وكذا مياه السقي، فضلا عن تأمين المياه الضرورية للأنشطة الاقتصادية وخلق القيمة المضافة وتحسين دخل المواطنين.

في هذا الإطار تندرج الرؤية الملكية  لأهمية الماء و دوره الأساسي والمفصلي في أي مشروع تنموي.

▪️الإستثمار المنتج رافعة أساسية لإنعاش الإقتصاد الوطني :

ورش  الإستثمار كرافعة أساسية للتنمية الدامجة هو المسار الإستراتيجي الثاني الذي إعتبره الخطاب الملكي السامي من الأولويات الإستعجالية التي يجب على كل المتدخلين و أصحاب المصلحة الإنكباب عليه و إنجاحه عن طريق التحلي بروح المسؤولية و تطبيق أقصى درجات الحكامة و الإلتزام المؤسسي بالقوانين و التشريعات المؤطرة لعمله و بلورة إستراتيجية شاملة لتطوير وتعزيز البيئة الاستثمارية وفق جدول زمني محدد وآليات واضحة. و بشكل خاص ميثاق الاستثمار الجديد  الذي يمكن أعتباره  كآلية تشاركية فعالة  بين الحكومة والقطاع الخاص والمصارف من أجل تنمية متوازنة و مندمجة حيث تراهن المملكة المغربية كما أكد جلالته أن يعطي”الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية.”

حيث أن تحسين مناخ الإستثمار ، وتهيئة البيئة  الجاذبة والمناسبة للإستثمار، سيكون له أثر إيجابي في دفع عجلة التنمية وإيجاد حلول جذرية و آنية  لمشكلتي الفقر والبطالة، مما سينعكس بشكل  إيجابي على مستوى معيشة المواطنين، حيث أكد جلالته على  أهمية العمل وفق مقاربة تشاركية بين جميع الأطراف المعنية و أصحاب المصلحة بهدف تعزيز البنية الاستثمارية في المملكة.

مقاربة تروم منح الأولوية للمشاريع الاستثمارية المنتجة لفرص الشغل، والأخذ بعين الاعتبار مبدأ العدالة المجالية  في توزيع الحزم الإستثمارية .

إستراتيجية تهم تحقيق الأمن الإقتصادي كأولوية خلال المرحلة المقبلة بإشراف مباشر من جلالة الملك محمد السادس بإطلاقه لميثاق الإستثمار في فبراير 2022 حيث ترأس جلالته جلسة عمل خصصت للميثاق الجديد للإستثمار تنفيذا للتوحيهات الملكية السامية التي اوردها خطاب إفتتاح الدورة الخريفية لسنة 2021 الداعية لإعتماد ميثاق تنافسي جديد للإستثمار ليتم المصادقة عليه في المجلس الوزاري يوليوز 2022 ليجسد هذا الورش بحق الطموحات الملكية بتحقيق التنمية الشاملة وفق منظور إجتماعي تضامني و تنافسي . 

في هذا الإطار تم العمل على تفعيل القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة ،و التعجيل بتنفيذ الإصلاحات المتعلقة بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ومن بينها القانون التنظيمي رقم 111-14 المتعلق بالجهات، والقانون 55-19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، والمرسوم رقم 2.17.618 بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداريو العديد من المراسيم و القوانين المتعلقة بهذا الورش و التي  تدعم الدينامية التي إنخرط فيها المغرب لتعزيز  تنافسيته الإستثمارية .

ترسيخ الحكامة الجيدة في ملف الإستثمار، يمر عبر  إصلاح و حوكمة  المراكز الجهوية للاستثمار، لطبيعة الدور الهام و المحوري الذي تساهم به في إنتعاش الاستثمار الجهوي من خلال توفير آليات و ميكانيزمات المواكبة والمتابعة، و بشكل خاص بالنسبة  للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة،مع قدرتها على التفاعل مع مخططات المجالس المنتخبة  الجماعية و الإقليمية و الجهوية  وتعزيز التواصل معها، بما يساعد على تحقيق التكامل فيما بينها في مجال تعزيز الاستثمار وتحسين بيئة  الأعمال على صعيد الجهات و الأقاليم  و هذا ما جسده القانون 47-18 الخاص بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.

لتحقيق هذه الأهداف وجه جلالة الملك الحكومة و الأبناك و القطاع الخاص  لترجمة إلتزامات كل طرف في تعاقد وطني للاستثمار.

حيث أن جلالة الملك محمد السادس أعطى الإنطلاقة الفعلية لفتح ورش عملاق للتشغيل و الإستثمار بقيمة 550 مليار درهم ، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026. 

دعم الإستثمار و مواكبة المقاولات الوطنية و تشجيع القطاع الخاص هو مستقبل الإقتصاد الوطني و  يمثل  أولوية وطنية كبرى يجب العمل على تحقيقها  وفق  مقاربة تشاركية تعتمد على تحسين مناخ الأعمال وتيسير حياة المقاولات، ودعم الاستثمار لاسيما القائم على المخاطر و تقوية و حوكمة الإطار الماكرو الإقتصادي لكي يساهم بشكل مسؤول في تطوير المناخ التنافسي لجذب رؤوس الأموال و تحويل المغرب لسوق إقليمية ودولية كبرى للرساميل .

في ظل التقلبات التي تعرفها الساحة الدولية و بالنظر للتحديات الجيوسياسية التي تواجه المملكة المغربية الشريفة سواء داخليا أو خارجيا فإننا اليوم جميعا ملزمون بالتمترس خلف القيادة الملكية السامية برؤيتها المتبصرة  لطبيعة المخاطر التي تهدد الأمن القومي للمملكة و المصالح العليا للشعب المغربي .

تحصين الجبهة الداخلية  أصبح اليوم مطلبا مجتمعيا أكثر من ضروري  وجب على جميع القوى الحية و الفاعلة داخل المجتمع التنبيه لضرورة الحفاظ عليها و تكريسها و العمل على تقويتها  كل من موقعه لمواجهة التحديات الخارجية .

بناء دولة قوية ذات سيادة في محيطها الإقليمي و الدولي  يمر أساسا عن طريق المحافظة  على مقدرات و ثروات الأجيال المقبلة و تثمينها ، و تحقيق الأمن المائي للإجيال المقبلة مرتبط بشكل أساسي بالأمن الغذائي و إستقلالية القرار الوطني و تشجيع مناخ الإستثمار يساهم في بناء قوة إقتصادية بروح تضامنية قادرة على تمويل البرامج الإجتماعية المستدامة و التي تعمل الدولة المغربية و مؤسساتها على تنزيلها تحت إشراف ملكي مباشر بهدف تعزيز موقف المملكة أمام التهديدات و المخاطر المختلفة التي يعرفها العالم في زمن مابعد الجائحة بتداعياتها الخطيرة ، و هنا تندرج المجهودات  الملكية العاملة بدون كلل أو ملل من أجل إحداث منظومة متكاملة لتحقيق الأمن الإنساني مرتكزة على الأمن الغذائي و الأمن الصحي و الأمن الطاقي عبر تعزيز الأمن الإستراتيجي للوطن  . 

و هو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في خطاب سابق بأن الوفاء للقيم المغربية  و الروح الوطنية المشتركة  ” يتطلب من جميع المغاربة ، مواصلة التعبئة و اليقظة ، و العمل الجاد و المسؤول ، لرفع التحديات الداخلية و الخارجية ، علينا جميعا إستحضار هذه الروح ، و هذه القيم ،لمواصلة إنجاز المشاريع التنموية و الإجتماعية و الدفاع عن مصالحنا و قضايانا العادلة و تعزيز مكانة المغرب في محيطه الإقليمي و الدولي” .

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *