إن المتتبع للخطب الملكية يجد أن جلالة الملك حفظه الله دائما يربط نجاح المشاريع بالعامل البشري،و عليه اذا لاحظنا أنه في خطاب العرش سنة 2017 وجه جلالة الملك انتقادات للأحزاب السياسية و في الفقرات الأخيرة من الخطاب رسم خارطة الطريق للنموذج التمنوي بحيث ربطها بالنخب الإدارية والسياسية،إذ قال جلالته:”…إننا نستطيع أن نضع أنجع نموذج تنموي، وأحسن المخططات والاستراتيجيات. إلا أنه :
– بدون تغيير العقليات،
– وبدون توفر الإدارة على أفضل الأطر،
– وبدون اختيار الأحزاب السياسية لأحسن النخب المؤهلة لتدبير الشان العام،
– وفي غياب روح المسؤولية ، والالتزام الوطني ، فإننا لن نحقق ما ننشده لجميع المغاربة ، من عيش حر كريم…”،مباشرة بعد هذا الخطاب الملكي جاء خطاب افتتاح البرلمان سنة 2017 أعلن فيه جلالته عن فشل النموذج التنموي،و كأن جلالة الملك يرسل إشارات واضحة أن فشل النموذج التنموي مرتبط بالنخب،نفس الشيئ هذه السنة في خطاب العرش 2019،أكد جلالته أن النموذج التنموي الجديد سيكون عماد المرحلة الجديدة التي قوامها “المسؤولية و الإقلاع الشامل” إلا أن جلالته نصره الله شدد أن هذه المرحلة تحتاج إلى نخب ذات كفاءة و ضخ دماء جديدة في العمل السياسي و الإداري.
إن نجاح النموذج التنموي الجديد رهين بوجود أحزاب سياسية حقيقية،بمعنى ينبغي التخلي عن هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية،و ها نحن اليوم نشهد ميلاد حزب جديد اسمه”حزب الحب الوطني” الذي لن يزيد سوى من تمييع المشهد السياسي،فالنموذج التنموي الذي يطمح إليه جلالة الملك نصره الله يقتضي وجود أحزاب سياسية قوية،بمعنى ينبغي القطع مع هذه التعددية المفرطة التي بسببها انعدمت المصداقية و انتشرت العشوائية،ينبغي الكف عن هذا المشهد الضبابي المزري،و أن ننتقل إلى عصارة عددية ثم إلى قطبية حزبية واضحة إيديولوجيا و أخلاقيا و عقلانيا،فالسلوكات الضبابية التي هيمنت على المشهد السياسي جعلت من الناخب يدخل في دوامة لا مفر منها جعلته في حيرة إما يصوت أو يعزف عن التصويت،فالمواطن المغربي أصبح يثق فقط في المؤسسة الملكية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله،و لا يثق في الأحزاب السياسية،لأنها بكل بساطة أصبحت مثل الشركات و المقاولات يهمها فقط الربح بمعنى الوصول إلى السلطة،بحيث أصبحت تمارس ما يمكن تسميته بالماركتينغ، و أمام هذا العدد المهول من الأحزاب السياسية أين هي المردودية أين هي البرامج لإنجاح النموذج التنموي الجديد،أصبحنا نعيش تعددية في الطموحات السياسية و ليس تعددية سياسية إيديولوجية،فهذه التعددية المفرطة سببها العجز الديمقراطي داخل بنية الأحزاب السياسية من خلال توريث المناصب داخل الحزب و كذلك بسبب ضعف الولاء الإيديولوجي من خلال الإنتماء السياسي المتقلب و الضبابي للمنتخبين،و بالتالي ينبغي على الأحزاب السياسية أن تتحلى بالمصداقية و الغيرة الوطنية و ان تكون أحزاب مواطنة تحب الخير لهذا الوطن،و أن تترك الصراعات فيما بينها أو بين قيادات نفس الحزب جانبا و كما قال جلالة الملك أعزه الله في خطاب العرش 2017:”…ولم يخطر لي على البال، أن يصل الصراع الحزبي، وتصفية الحسابات السياسوية، إلى حد الإضرار بمصالح المواطنين. أحمد الصلاي رئيس جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب