بقلم السيد أحمد الصلاي
ويأتي الاحتفال هذه السنة بهذه الذكرى في إطار وطني متميز، أضفت عليه التوجيهات الملكية التي تضمنها خطاب العرش لهذه السنة، بعدا قويا يجعل من روح التعبئة لكسب رهان الوحدة وضمانها وحماية مقوماتها عماد الإرادة الوحدوية الصادقة التي اتسم بها تعامل المغاربة دائما مع قضاياهم المصيرية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للمملكة.
هذا وأشاد جلالته بالمكاسب التي حققها المغرب على الصعيد الأممي والإفريقي والأوربي فيما يتعلق بوحدتنا الترابية، داعيا إلى مواصلة التعبئة، على كل المستويات، لتعزيز هذه المكاسب، والتصدي لمناورات الخصوم.، كما أكد على أن المغرب واضح في قناعته المبدئية، بأن المسلك الوحيد للتسوية المنشودة، لن يكون إلا ضمن السيادة المغربية الشاملة، في إطار مبادرة الحكم الذاتي.
إنه تجسيد لروح الاستمرارية في التعاطي بحكمة وتبصر وبعد نظر مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، التي يشكل فيها يوم 14 غشت من سنة 1979 تجليا قويا لمتانة وعمق الروابط التاريخية القائمة بين شمال المغرب وجنوبه، في تماسك أبدي طبع تعامل المغاربة قاطبة مع محيطهم الطبيعي والجغرافي بكل مكونات بنياته الثقافية والاجتماعية والسياسية.
وتؤكد الوقائع التاريخية من خلال الوثائق والكتابات والظهائر الشريفة أن الصحراء المغربية كانت دائما حاضرة في نضالات المغرب من أجل خدمة قضايا أبنائه في الجنوب المغربي، والدفاع عن أراضيه ووحدته، والتصدي لكل المؤامرات والأطماع التي كانت تحاك ضد هذه الوحدة.
ولأن الولاء يرتبط دائما بالوفاء حينما يتعلق الأمر بالعلاقة بين العرش والشعب فقد تعهد مبدع المسيرة الخضراء الملك الحسن الثاني برعاية واحتضان هذه البيعة، عندما خاطب أبناء هذه الربوع قائلا “إننا قد تلقينا منكم اليوم البيعة، وسوف نرعاها ونحتضنها كأثمن وأغلى وديعة، فمنذ اليوم بيعتنا في أعناقكم ومنذ اليوم من واجباتنا الذود عن سلامتكم والحفاظ على أمنكم والسعي دوما إلى إسعادكم، وإننا لنشكر الله سبحانه وتعالى أغلى شكر وأغزر حمد على أن أتم نعمته علينا فألحق الجنوب بالشمال ووصل الرحم وربط الأواصر”.
وبالفعل فقد تجلت هذه الرعاية في ما شهدته الجهة من مشاريع وأوراش التنمية التي همت كل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية وساهمت في إدماج الجهة في المجهود الوطني للتنمية الشاملة، وسط تعبئة وطنية شاملة للدفاع عن مشروعية حقوق المغرب على أقاليمه الجنوبية .
ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس توطدت العناية والرعاية بالأقاليم اللجنوبية في بعديها الوحدوي والتنموي، كما تجسد ذلك الخطب الملكية وزيارات الملك المتعددة للأقاليم الصحراوية، ومن ذلك زيارته الأخيرة لإقليم وادي الذهب، ومبادرته الشجاعة المتمثلة في الحكم الذاتي لهذه الأقاليم تحت السيادة المغربية والتي لقيت دعما دوليا متناميا كمبادرة واقعية وذات مصداقية لإنهاء نزاع الصحراء المفتعل الذي طال أمده.
ونجحت الدبلوماسية المغربية الهادئة التي أرسى دعائمها الملك محمد السادس، في استقطاب الدعم الدولي لوحدة المملكة الترابية وإجهاض مخططات الخصوم وهما، بحسب الملك محمد السادس نوعان: مكشوفين وخفيين.
ومن مضامين الخطاب الملكي :
تعزيز استكمال الوحدة الترابية، للبعد “الأطلسي” للمملكة بحكم أن الواجهة الأطلسية للمملكة هي بوابة المغرب نحو إفريقيا ونافذة للانفتاح على الفضاء الأميركي، وهو ما يعزز الموقع الاستراتيجي للمغرب الذي يعد البلد الإفريقي الوحيد الذي يتوفر على واجهة تطل على المتوسط بما تتيحه من التواصل مع أوربا وأخرى على الأطلسي، بما تحمله من فرص وآفاق التعاون ومن تحديات أيضا.
وأكد الخطاب الملكي كذلك على الرهانات المرتبطة بالواجهة الأطلسية للمملكة من خلال تأهيل المجال الساحلي وطنيا بما في ذلك الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية عبر جعل هذه الواجهة تخدم الغايات التي حددها الملك محمد السادس في: جعل الواجهة الأطلسية فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي” وهي من عناوين مقاربة وازنة تؤسس للبناء والنهوض بالمنطقة.
وأعاد الخطاب الملكي استحضار موضوع القيم حيث تتميز الأمة المغربية بقيمها الروحية والوطنية والاجتماعية في عالم كثير التقلبات. أحمد الصلاي رئيس جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب ورئيس مجلس اتحاد الشباب الأفريقي والمجتمع المدني بافريقيا.