تصدر هذه المبادرة انطلاقا من تشخيص، مفاده أنّ الجميع يتحمل مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلاد بأقدار متفاوتة.
بداية تتحمل الأحزاب التي تداولت على الحكم المسؤوليّة في إدارة الملفات الاقتصاديّه والاجتماعية للبلاد بأقدار متفاوتة، وذلك بإغفالها على امتداد عشر سنوات من الحكم مشاغل النّاس الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما يجب تقديره وتحديده بصورة موضوعيّة تستطيع استخلاص الدّروس في المستقبل كما تصلح مادّة للمحاسبة السياسية وحتى القانونية.
كما تتحمل حكومات ما بعد الثورة مسؤولية كبيرة في تردي الأوضاع المعيشية للمواطن. ما جعل عشرية ما بعد الثورة تتسم بالاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار الاقتصادي رغم ما تحقق من منجز سياسي وحقوقي.
وتشمل المسؤلية أيضا عموم المنتظم السّياسي والمدني، الذي لم يجعل من بناء المشترك الوطني أولويّة له، بل انخرط في المناكفات الإيديولوجيّة والسياسويّة.
كما تشمل المسؤولية السيد قيس سعيد، الذي رفض أن يُدير حوارا وطنيا، ولم يتفاعل إيجابًا مع كلّ المطالبات بالحوار، والتي من أهمها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل في نوفمبر 2020. كما رفض الإمضاء على قانون المحكمة الدستورية، وعرقل إجراء الوزراء للقَسم عقب التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة الذي عيّنه بنفسه، وساهم من خلال خطاباته المتّسمة بالتشنّج والنّزعة الاتّهاميّة في تقسيم التّونسيين، فأخلّ بذلك بأهمّ دور لرئيس للجمهورية.
لقد كان المناخ السياسي خلال العشرية الماضية معطّلا للانتقال الديمقراطي، وموات لبروز الشعبوية، التي تمكّنت يوم 25 جويلية 2021 من الانقلاب على المسار الديمقراطي من خلال التأويل المتعسّف للفصل 80 من دستور الثورة.
ومن خلال هذه المبادرة نقدّم أفقا وطنيا، وبديلا ديمقراطيا اجتماعيّا عن المشروع الاستبدادي، الذي يطرحه السيد قيس سعيد.
وقبل استعراض عناصر المبادرة وجب التذكير بالمعاني التالية:
• أولا: هذه المبادرة ترتكز على مبادئ عامة، تم تداولها ودراستهاداخل الأوساط المعارضة للانقلاب، وبالتالي هي أرضية مشتركة يمكن أن تجمعنا على ما بيننا من اختلاف.
• ثانيا: هذه المبادرة هي محفزة لمن يشاركنا القناعة في إسقاط الانقلاب، وإن اختار آلية أخرى هي المشاركة في الاستفتاء بـ”لا”.
• ثالثا: حتما ستوجد أثناء التنزيل إشكاليات وقضايا عملية تستوجب تعاون كل الأطراف من أجل حلّها قصد تحقيق المعاني الكبرى للمبادرة.
• رابعا: تتوجه هذه المبادرة أيضا إلى فئة واسعة من الشعب التونسي، لم تحسم موقفها من الاستفتاء، ونحن ندعوها ابتداء إلى المقاطعة، مطمئنين إياها بأن هذه المبادرة تمثل أرضية صلبة لبديل ما بعد قيس سعيد.
• خامسا: ندعو كل الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها، والإيفاء بتعهداتها، ومن بينها البرلمان الذي تعهد بوضع نفسه على ذمة الحوار الوطني، وكذلك رئيس البرلمان الذي تعهد بأنه غير معنيّ بأي منصب في الدولة في المرحلة القادمة.
أما المبادرة، فيمكن حوصلة عناصرها في ثلاث نقاط كبرى، هي:
- تجديد الشرعية من خلال إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها في ظرف لا يتجاوز 90 يوما.
- حكومة إنقاذ وطني، تقودها شخصية وطنية، وحبذا لو تكون ذات خلفية اقتصادية، وتتمتع بصلاحيات تمكّنها من سرعة معالجة الوضع المالي الخانق، بالتشاور مع المنظمات الوطنية ومؤسسات الدولة.
- حوار وطني، حقيقي، ومسؤول، حول الإصلاحات الدستورية، والقانونية، والاقتصادية والاجتماعية،… ويفضي هذا الحوار خلال ستّة أشهر على أقصى تقدير إلى نتائج عليها اتفاق واسع.
عاشت تونس حُرّة ديمقراطيّة.
حزب العمل والإنجاز
الأمين العام
مراسلة السباعي المهدي