أثارت الكمية الضئيلة لجرعات لقاح فيروس كورونا المستجد، التي اقتنتها الجزائر من روسيا، سخرية واسعةً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظلّ المسؤولون يروّجون لأن الدولة ستقوم بشراء لقاح كافٍ، وتقتسمه مع جارتها تونس، في إطار ما أسمته بـ”الأخوة” وحسن الجوار، قبل أن يتفاجأ الجميع بأن العدد المستورد لا يكفي حتى سكان البليدة، المدينة التي انطلقت فيها حملة التطعيم أمس السبت.
وبالرغم من تفادي وسائل الإعلام الجزائرية للحديث عن الكمية الحقيقية التي توصلت بها بلادهم من جرعات لقاح سبوتنيك الروسي، إلا أن المعطيات التي تناقلها عدد من النشطاء، تفيد بأن الجزائر، لم تستلم سوى 50 ألف جرعة، في أولى الشحنات، وهو ما يُفسره إطلاق حملة التلقيح في مدينة واحدة فقط، خلال المرحلة الأولى، وهي البليدة.
وأوضح نشطاء جزائريون، بأنه لو توصلت السلطات، بالفعل بـ 500 ألف جرعة، كانت لتشرع في حملة التلقيح في عدةِ مدن، بدل إطلاقها في البليدة وحدها، ولفئة المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة وموظفي الصحة فقط، متابعين بأنه حتى رقم 50 ألف جرعة، مشكوكٌ فيه، خصوصا أن الدولة لم تتبن الوضوح منذ بداية الجائحة، بعدما عمدت لإخفاء عدد التحاليل التي تجريها منذ الأسابيع الأولى.
وإلى جانب العدد الضئيل للجرعات التي توصلت بها الجزائر، شكك مجموعة من النشطاء والسياسيين في نجاعته “سبوتنيك في”، الذي سبق وأثار الكثير من الجدل، ولم ترخّص له منظمة الصحة العالمية لحدّ الآن، وهو ما دفع رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، إلى مطالبة المسؤولين بتلقي جرعات اللقاح أمام المواطنين، لزرع الثقة فيهم.
ونبه نشطاء إلى أنه “حتى ولو افترضنا أن الجزائر اشترت 500 ألف جرعة، مقابل 11 مليون دولار، فإن الثمن مبالغ فيه بشكل كبير جدّاً، لأن الأمر يعني 22 دولار للجرعة الواحدة، في الوقت الذي لا يتعدى ثمنه الحقيقي 8 دولارات، أي أن الدولة دفعت حوالي ثلاثة أضعاف المبلغ الحقيقي من أجل شراء نصف مليون جرعة، وهذه فضيحة لا يجب السكوت عنها”، وفقهم.
وقارن نشطاء بين الجزائر، والجار المغرب، الذي توصل بـ 2 مليون جرعة من لقاح “أسترازينيكا” الهندي البرطاني، ونصف مليون جرعة من لقاح “سينوفارم” الصيني، من أجل تلقيح 1.25 مليون مواطن، في كافة جهات ومدن المملكة، التي تم وُزّع عليها اللقاح وفق الحاجة، وبناء على عدد المسّنين والموظفين الذين تتوفر فيهم شروط الحصول على التطعيم.
وفي المقابل، سخر نشطاء وأكاديميون مغاربة، من الجزائر، التي سبق وقال رئيسها عبد المجيد تبون، إنها تمتلك المنظومة الصحية الأفضل في إفريقيا بالكامل، بعدما فشلت في إطلاق حملة تلقيح في كافة أرجاء البلاد، في الوقت الذي استطاعت المملكة، تدبير الوضع، وتخصيص مراكز تلقيح في كلّ المدن والقرى، وإيصال جرعات لأغلب المناطق.
وكتب المحلّل السياسي المغربي حفيظ الزهري، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “الجزائر استلمت اليوم 50 ألف جرعة من اللقاح الروسي بـ 11 مليون دولار.. إذا اقتسمتها معها تونس كما وعدت بذلك، سيبقى لها 25 ألف..”، متابعاً: “المغرب 25 ألف جرعة مشات فعشية د البارح.. لا مجال للمقارنة”.
من جانبه كتب المحامي نوفل البعمري، في تدوينة على حسابه الشخصي بـ”فيسبوك”، إن لقاح “سبوتنيك في” الروسي، الذي استوردته الجزائر، لم تصادق عليه إلى حدّ الآن، منظمة الصحة العالمية، مضيفاً: “هذا النّظام يغامر بشعبه، ومستعدّ لطحنه ليضمن بقاءه”.
وعلّقت ناشطة “فيسبوكية” أخرى تدعى أسية، على الأمر، بالقول، إن “كلّ البلدان أحضرت لقاحاتها في طائراتها، إلا الجزائر، التي رأت أن المغرب بدأ التلقيح، فطلبت من روسيا أن تنقذهم بأي شيء، وبأسرع وقت، حتى وإن كانت عبر جرعات تجريبية لكي تُخرس الشعب، وهو ما حصل، بعد أن باعت لهم موسكو 50 ألف جرعة، وأرسلته في DHL، بدون تبريد ولا أي شيء”.
وتابعت المُعلّقة نفسها: “مثل هذه المواد التي تُقرّر مصير الشعب، من غير المعقول نقلها وشحنها مع شركات شحن خاصة مثل DHL، ولابد لها من جسر جوي آمن، أو بطائرات تابعة للدولة المستوردة، سواء كانت مدنية أو عسكرية، لكن العسكر الجزائري لا يتقن أي شيء، ومصلحة شعبه آخر شيء يمكن أن يفكروا به”.