بعد الاستفزازات والتهديدات الأخيرة لجبهة البوليساريو بإغلاق معبر الكركرات، كشف الحاج أحمد باريكالا، الأمين العام للحركة السياسية الجديدة «صحراويون من أجل السلام»، المعارضة للجبهة، في حوار خاص مع صحيفة «آتالايار» الإسبانية والمتخصصة في الشأن المغاربي، أن تحركات الجبهة مجرد «زوبعة في فنجان، ولا أعتقد أن أحداث 2017 ستتكرر مرة أخرى. وعلى أية حال، نعتقد أن الإغلاق أو الفتح لا يكتسي أهمية تذكر في هذا الصدد، وبالكاد يجذب انتباه عنصرين من القبعات الزرق أعياهما الملل».
ووجه الحاج أحمد، الذي انتُخب على رأس الحركة عقب الاجتماع التأسيسي الذي عقد يوم السبت قبل الماضي عن بعد بمدينة العيون، ضربات موجعة إلى البوليساريو والجزائر مع اقتراب موعد صدور قرار مجلس الأمن في نهاية الشهر الجاري. وعرج القيادي السابق في الجبهة على كل النقاط الخلافية والجرائم التي ارتكبتها البوليساريو، وشرح لأول مرة موقف الحركة من الطرح المغربي، وكيفية العمل على بناء الثقة، كما أكد أن الجزائر طرف في النزاع، مبرزا أهمية انخراط القوى الدولية المعنية بهذا الملف في مسعى للخروج بحل نهائي للنزاع.
وعلى عكس السلطات المغربية التي قامت بجبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص مع «هيئة الإنصاف والمصالحة»، قال الحاج أحمد إن جبهة البوليساريو «لم تقم، حتى الآن، بجبر ضرر ضحايا قمعها، ولم تتحمل أية مسؤولية سياسية، عكس ما عليه الحال في المغرب، وهو أمر لايزال معلقا منذ سنوات السبعينيات والثمانينيات»، وأضاف: «تعتبر حالة اختفاء الخليل أحمد القضية الأبرز في سلسلة الانتهاكات الجسيمة، ويقع على عاتق قيادة البوليساريو تحديد مكان وجوده».
وفسر الحاج أحمد، أيضا، طلبه من المغرب الإفراج عن المعتقلين الصحراويين، خاصة المتورطين في أحداث «أكديم إزيك»، قائلا: «يُعد ذلك إشارة لا غنى عنها لبناء الثقة اللازمة، وينبغي علينا أن ندفن ذكريات الماضي السيئة، ونخرج من الحلقة المفرغة. يحذونا الأمل في مستقبل أفضل، ونرحب بأي بادرة للنوايا الحسنة، كما نرحب بأي التزام بتعزيز إغلاق معبر الكركرات الحدودي».
وردا على اتهام البوليساريو إياه بالتماهي مع الطرح المغربي، أوضح الحاج أحمد أن قول الجبهة إن البيان التأسيسي للحركة لم يتحدث عن «تقرير المصير في الصحراء» غير صحيح، لأن العبارة وردت في البيان، لكن، طبعا، ليس بالصيغة التي ترغب فيها الجبهة. وأوضح الحاج أحمد قائلا: «لقد ذُكر تقرير المصير ومجموع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الصحراوي في البيان التأسيسي. فضلا عن ذلك، يجب أن يكون الحل الذي نقترحه ضمن إطار تقرير المصير ووفقا للمعايير الدولية من أجل تحديد الوضع النهائي للإقليم».
وسيرا على منوال الأصوات التي تؤكد أن تأسيس ما يسمى «الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي»، في 20 من الشهر المنصرم بالعيون، من لدن انفصاليي الداخل برئاسة أمينتو حيدر، جاء ردا على تأسيس الحركة، يعتقد الحاج أحمد كذلك أن تأسيس حركات وتنظيمات موازية جديدة يأتي بعد ظهور حركة «صحراويون من أجل السلام». عن هذا قال: «شكل ظهور حركة صحراويون من أجل السلام دافعا قويا لبروز العديد من التيارات والهيئات السياسية، إلى درجة أن بعض النشطاء والمنظمات التي عملت حتى الآن بصفتها منظمات لحقوق الإنسان أصبحوا فاعلين سياسيين»، في إشارة واضحة إلى سقوط القناع الحقوقي عن مجموعة حيدر.
وعاد الحاج أحمد ليؤكد أن «البوليساريو لم تعد وحدها في المشهد بالطبع، ويجب أن يشارك الممثلون الصحراويون المنتخبون تحت الإدارة المغربية، لأن لديهم الحق نفسه الذي يحوزه ممثلو البوليساريو والكيانات الأخرى. فأهم شيء في المسألة هو التوافق والاتفاق على صيغة بأسرع ما يمكن، وقد قمنا ببسط المحددات الكبرى لمقترح التسوية». وعن طبيعة الحل الذي تريده الحركة الجديدة، اكتفى بالقول: «يتعلق الأمر بكيان صحراوي خاص، باختصاصات متفاوض بشأنها، سواء منها الحصرية أو المشتركة، للوصول إلى نقطة التقاء بين حقوق ومصالح الأطراف».
وانتقد الحاج أحمد، كذلك، بعض الأطراف الإسبانية التي عارضت تأسيس الحركة الجديدة قائلا: «هؤلاء لا يفعلون شيئا غير الانتقال إلى المخيمات لحضور اجتماعات البوليساريو وترديد شعاراتها. ينتقلون ويسافرون بفضل الإعانات المقدمة من المؤسسات العمومية الإسبانية لحضور الاجتماعات والمواعيد، بما في ذلك رحلة نهاية السنة المدفوعة التكاليف، لالتقاط صور تذكارية مع الصحراويين بمحميات تندوف والاستمتاع بحفل جامح في كثبان الصحراء». وخلص أحمد إلى أن هدف الحركة هو عدم السقوط في أخطاء جبهة البوليساريو التي ركزت على الإيديولوجيا والقبلية بدل الإنسان والحل السلمي.
في المقابل، عادت جبهة البوليساريو عبر من يسمى بوزير خارجيتها، سالم ولد السالك، لتهدد بإرجاع نزاع الصحراء إلى نقطة البداية، في إشارة إلى حمل السلاح ضد المغرب. واعتبر البعض كلام سالم، الذي جاء في إطار حواره يوم أمس مع جريدة الوطن الجزائرية، ردا على حوار أحمد الحاج مع «آتلايار».6