بقلم : الحبيب غاندي
يعرف الرأي العام الرياضي المغربي حالة من الشد و الجذب نتيجة ردود أفعال فئة محسوبة من الجمهور الرياضي و التي تفتقد في الواقع، لأدنى مواصفات الجمهور الرياضي.
فغاية الجمهور أولا و أخيرا هي الاستمتاع، كما أنه لا يحق له بشكل من الأشكال التدخل في العمل الذي يتابعه و تعطيله. و إذا انطلقنا فقط من هاتين الميزتين فالواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن فئة محسوبة على الجمهور المغربي المتيم بكرة القدم المغربية أو حتى الدوريات العالمية لا سيما الدوري الإسباني تفتقد لمواصفات الجمهور الرياضي و الجمهور بشكل عام. فالاستمتاع هو آخر ما تتحصل عليه أثناء متابعة المباريات بغض النظر عن الطبق الكروي المقدم على أرضية الميدان، هذا إن لم يصاحب العملية ارتفاع الضغط و مضاعفات سلبية تنعكس على الجانب الصحي لهذا المتتبع، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، فالكل يريد أن يقرر في الجوانب التقنية و الإدارية لفريقه المفضل من اختيار المدرب و انتداب اللاعبين إلى تدبير مجريات المقابلات مع ما يصاحب ذلك من سب و شتم وقذف و ذم للاعبين و الأطر التقنية و الإدارية .
بعد التشخيص، ينبغي أن نتساءل حول أسباب هذه الظاهرة المرضية التي تستفحل بشكل متزايد و أصبحت لها امتدادا تهدد السلم الذي ينعم به المجتمع من خلال العبارات العنصرية التي يتلفظ بها بالملاعب و في مواقع التواصل الاجتماعي .
لعل أولى هذه الأسباب هو مفهومنا لقيم الاستمتاع و الترفيه و الترويح عن النفس، و هذا المفهوم السائد لا يرتبط بالمجال الرياضي فحسب بقدر ما له امتدادات في المدرسة و الأسرة و بشكل عام الوسط السوسيو تربوي للفرد منذ سنوات طفولته فالغالبية الساحقة تلخص الاستمتاع و الترويح عن النفس في زيارة المطاعم و التسوق ، و ليس في زيارة المنتديات الفنية و الثقافية و بالتالي أي طفل نشأ في هذا الوضع فمتعته تنحصر فيما هو مادي صرف لتبقى متابعته لفريق معين لا يرتبط بالقيمة الفنية التي يقدمها على أرضية الملعب بل نتيجة تعصب صرف ناتج عن تأثير أفراد الأسرة أو المحيط و ليس نتيجة لحبه لرياضة كرة القدم ، بل أنه من المضحك المبكي أن نجد ضمن هؤلاء من لم يسبق له حتى ممارسة كرة القدم.
أما ثاني الأسباب – و في واقع الأمر أخطرها – ما يعرف بـ “الفايك نيوز” أو شائعات شبكات التواصل الاجتماعي التي تتفنن في استعمال المراوغة والزيف و قلب الحقائق و التلاعب بقيمة الديموقراطية لإقناع المتتبع الرياضي بشكل خاص و الأفراد بشكل عام بما كذبت و أشاعت لأغراض لا تمت لا للرياضة و لا للصالح العام بصلة، بل أنها تبث الفوضى و الفتنة و تهديد الاستقرار و الأمن.
لقد اقتصرنا هنا فقط على هذين السببين لأهميتهما – في نظرنا ـ و بالتأكيد هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية ، إلا أن الأهم لا يكمن في التشخيص و حتى في إدراك القوى الفاعلة و لكن في كيفية معالجة هذا الوضع لأن من شأنه استفحاله أن يؤدي إلى نتائج قد تكون لها انعكاسات سلبية على السلم و الأمن المجتمعيين.