كلمة رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم في افتتاح الندوة الوطنية حول موضوع الواحة و التحولات المجتمعية:
− أيها الحضور الكريم.
انعمتم مساء وشكراً لكم بدءاً على حضوركم أشغال هاته الندوة الوطنية تلبية لدعوتنا.
أما بعد،
ننظم هاته الندوة الوطنية في موضوع:
«الواحة والتحولات المجتمعية: الانسان والمجال والمجتمع»
بشراكة مع جمعية جهات المغرب، وبتعاون مع قطاع الثقافة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، وكلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الاركان، ووكالة التنمية الفلاحية.
ننظمها في منطقة لها رمزية خاصة لدى الشعب المغربي تاريخا وحاضرا ومستقبلا انها منطقة مولاي علي الشريف احد اجداد جلالة الملك محمد السادس ومؤسس الاسرة العلوية.
ننظم هاته الندوة المباركة بالتاريخ والجغرافيا وبحضوركم وتشريفكم لنا متابعة افتتاحها واشغالها بمدينة الريصاني بالجنوب الشرقي للمغرب.
ننظمها في مركز ثقافي يشكل معلمة ثقافية بالريصاني بامتياز تم تدشينه قبل شهرين فقط من قبل قطاع الثقافة.
ننظمها في سياق دولي عنوانه الابرز تشكل اقطاب دولية بمنطق يغاير سنوات الحرب الباردة ويقوم على اسس الاقتصاد واقتصاد العرفة. عالم يشكل بالفعل القرية الصغيرة المتحدث عنها قبلا. ومداخله الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وما نتج عن ذلك من تموقعات وتشكلات غير قائمة على الاساس الجغرافي ولا الديني ولا التاريخي بل على الهيمنة الاقتصادية القائمة على اقتصاد المعرفة.
ننظمها والعالم يعيش الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا التي قيدت الحياة البشرية بطرق غير مسبوقة فانهارت مؤسسات وتقوت اخرى وبدات تظهر في الوجود معالم تكثلات دولية جديدة.
ننظمها والمغرب يعيش نتائج ذلك وباشكال اكثر تاثيرا في المستويات الاجتماعية والاقتصاية وغيرها.
ننظمها كذلك وبلدنا يعرف تقلبا في الموسم الفلاحي بسبب النقص في التساقطات المطرية خلال الشهور الماضية، والذي سجل عجزا بلغ 66٪ تقريبا بالمقارنة مع موسم عادي. وهو ما يؤثر سلبا على نتائج الموسم الفلاحي وعلى حياة الناس بالمناطق الفلاحية ويسبب اضطرابات اجتماعية واقتصادية، وانقاذا للسنة الفلاحية ودعما للأسر المتضررة بادر جلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده الى اعطاء تعليماته السامية للسيد رئيس الحكومة والسيد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات يوم 16 فبراير 2022 بضرورة اتخاذ الحكومة لكافة التدابير الاستعجالية، لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي، واعتماد برنامج استثنائي لدعم ومساعدة الفلاحين المتضررين من الاثار السلبية لاضطرابات التساقطات المطرية عبر برنامج بثلاث محاور:
• حماية الرصيد الحيواني والنباتي، وتدبير ندرة المياه.
• ضمان التأمين الفلاحي.
• المساهمة في تخفيف العبئ المالي على الفلاحين والمهنيين.
أوضح محمد صديقي أن الخطة تتضمن عدة مشاريع وأنشطة لتهيئة الواحات والمساهمة في التوعية والتحسيس.
ننظمها بمشاركة المؤسسات المعنية بالواحات وكذا بحضور اساتذة باحثين وطلاب مختصين لتدراس الموضوع من كل جوانبه وهكذا سيتم خلال ايام الندوة هنا بمدينة الريصاني طرح قضايا الواحة من خلال ستة محاور هي:
– محور تجارب مؤسساتية رائدة.
– محور اكراهات طبيعية وسياسية وترابية.
– محور موارد طبيعية ورهانات تنموية وايكولوجية.
– محور الهجرة والتحولات المجتمعية.
– محور ممارسات اجتماعية وثقافات وقيم.
– محور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المجالات الواحية.
وسننهي الندوة بإصدار تقرير عام عنها وتوصيات نوجهها لمن يهمهم الامر بهدف التنمية الترابية والمجالية والاقتصادية لمناطق الواحات عموما ولإقليم الراشيدية خصوصا وللريصاني على وجه اخص.
أيتها السيدات، أيها السادة.
تشكل الواحات الممتدة على 226583 كلم مربع من فكيك الى اسا الزاك وتهم اربع جهات كلميم واد نون وسوس ماسة والشرق ودرعة تافيلالت مناطق تمتاز بمؤهلاتها الطبيعية والاكيولوجية وسجلها التاريخي الذي امتاز دوما بإمكانات جغرافية وتراثية جعلتها مناطق عبور واستقرار وتلاقح الافكار والعادات والتقاليد خلال عقود من الزمن مما جعل منها محور اهتمام الفاعلين الاكاديمين والاقتصاديين السياحيين والسياسيين رغم ما عانته المنطقة من انعكاسات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتراجع احتياطي الماء و قلة فرص الشغل وهجرة السكان خصوصا الشباب منهم بحثا عن اسباب العيش الكريم وتحسين انماطه وهروبا من قساوة الطبيعة ونتائج الاختلالات البيئية والطبيعية والمجالية التي عرفتها هاته المناطق بتفاوت طبعا. مما فرض على الحكومات المتعاقبة البحث عن حلول لواقع يزداد تعقيدا كان اخرها خطة العمل الاستراتيجية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات من أجل حماية الواحات من خطر الحرائق، وذلك عبر الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان والمصالح الجهوية لها قصد حماية الواحات الوطنية من اخطار الحرائق اعتمادا على استراتيجية متكاملة تنسجم مع الواقع المحلي وتنبني على منظومة حماية ذاتية وإجراءات احترازية ضد افات الحرائق، مع تمكين الفلاحين المتضررين من فسائل انبوبية للنخيل مجانا والعمل على برمجة سنوية لخطط تنقية اعشاش النخيل خصوصا التي تعرضت للحريق وغيرها من المبادرات التي تشرف عليها الوزارة الوصية مباشرة او عن طريق الوكالات والجهات المختصة بذلك.
ايها الحضور الكريم.
لقد كانت التعليمات الملكية السامية بخصوص إحداث تغيير جذري في الإدارة الترابية للبلاد، قصد ولوج مرحلة تنموية نوعية جديدة، وذلك بالتخفيف الى أقصى حد ممكن من التدبير المركزي واعتماد الجهوية المتقدمة وسياسة اللاتمركز، نقلة مرحلية جديدة تميز العهد الجديد.
وقد أثبت هذا التوجه، أن بلادنا تسير فعلا في الاتجاه الصحيح، حيث تفاعلات معه كل الجهات المعنية، بالمسؤولية اللازمة، وعلى رأسها وزارة الداخلية التي انخرطت في ورش تفعيل المرسوم بمثابة الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، بإعداد التصميم المديري الخاص بالوزارة، والذي اتسم بالجودة المستجيبة لمعايير التصميم المديري المرجعي.
وبهذا الخصوص، نأمل أن يلقى ورش اللاتمركز المواكبة من قبل مختلف مستويات الجماعات الترابية، التي عليها واجب إيجاد البنيات الإدارية الموازية، والكفيلة بإطلاق التنمية المتعددة الابعاد التي تصبو لها بلادنا.
وبهذه المناسبة، لا يمكن إلا أن نثمن كل الجهود التي يتم القيام بها لجعل الجماعات الترابية في مستوى تطلعات وانتظارات الشعب المغربي في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. وهي جهود جعلت مؤشر الاهتمام بالشأن المحلي جلي في اهتمامات وزارة الداخلية، بمبادرة من المديرية العامة للجماعات الترابية، التي لا تذخر أي جهد لإنجاح ورش التدبير اللامركزي المسند للجماعات الترابية من جهة، وورش التدبير اللامركزي لمختلف مهام وصلاحيات وزارة الداخلية من جهة أخرى.
أيتها السيدات، أيها السادة.
لن اجعل من كلمة مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم عرضا علميا لما يرتبط بموضوع الندوة ولا مطلبيا ولكننا نقصد التذكير ببعض قضاياها والتي سيتناولها المشاركون بالتحليل والدراسة ونوجه في افتتاحها نداء للمسؤولين نطرح فيه بعضا مما سيأتي في التقرير العام والتوصيات فنؤكد على:
– الدعوة الى تحصين الموروث الثقافي المغربي ومواجهة كل محاولة للاستيلاء عليه من داخل المغرب او خارجه.
– تثمين الإحداث الرسمي لعلامة تراث المغرب بهدف حماية تراثنا بكل انواعه ومجالاته لأنه يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة والهوية المغربية والتي تمثل خلفية رئيسة وفاعلة لممارسات الإنسان المغربي في علاقته بالمجتمع والتاريخ انطلاقا من صرحها الذي تُشيده المكونات العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية وتغنيه الروافد الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية والمتجلية في كل مناحي الحياة حكاية وعمارة وعادات وتقاليد وتعبيرات شفوية ومكتوبة وغير ذلك من الانساق الثقافية.
– تثمين المهن الحرفية المرتبطة بالواحات واعادة الاعتبار لها.
– دعوة الجامعات المتواجدة في جهات الواحات الى احداث تخصصات تهم الواحات وكل قضاياها.
– إحداث مراكز ثقافية تعنى بقضايا الواحات تاريخا وثقافة ومكونات طبيعية وايكولوجية.
– دعوة الحكومة للإسراع بتوفير كل الظروف المطلوبة من اجل الاعلان عن الواحة تراث وطني.
– دعوة وزارة التعليم العالي الى الاسراع بإنشاء جامعة بكامل الاوصاف في جهة درعة تافيلالت.
وفي نهاية هاته الندوة من المؤكد ان لائحة بتوصيات في الموضوع ستصدر عنها تنضاف اليها ما ذكرت في هاته الكلمة وهو تجميع لنقاش بين لجن الندوة.
سنة تقريبا مدة التهييئ لها.
ايها الحضور الكريم
ستعرف الندوة هنا ثلاث مبادرات نعدها جواهر تزين هذا اللقاء العلمي الهام:
أولا: الاعلان تكوين لجنة تحضيرية قصد الإعداد لتأسيس تنظيم مدني وطني ومواطن ينطلق من اصالة الامة المغربية وعراقتها ليساهم في بناء اسس مشروع تنموي وطني في أفق 2035. تنظيم يعنى بقضايا المجتمع ويحاول تفكيك وتشريح واقعنا المعيش ، لجنة تحضيرية ستشتغل على أرضيته بتشاور مع مجموعة من الاساتذة الباحثين المختصين عبر ربوع المملكة و سيحمل اسم:
منتدى السوسولوجيين و الانتروبولوجيين المغاربة
F.S.A . MAROC
فهنيئا للجنة التحضيرية اعضائها ولعلم الاجتماع والانتروبولوجيا بهذا المولود الذي نتمنى ان يساهم بالجدية المعروفة عن اعضاء لجنته التحضيرية في تطوير قضايانا المجتمعية وتحليلها ورصدها واقتراح حلول لمعضلاتها اعتمادا على العلم والمعرفة.
ثانيا: تكريم مجموعة من الاساتذة الباحثين وفنان تقديرا لمجهوداتهم ومسارهم وعطاءاتهم بعض منهم يعلم ذلك والبعض الاخر لا يعلم فيكون التكريم مفاجأة لهم.
ثالثا: الاستماع لأغنية عن الواحات بالمنطقة أنتجتها مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة و العلوم تذاع لأول مرة ، وقد تم إعدادها كلمات ولحنا واداءً لهاته المناسبة، تحت عنوان واحات بلادي كلمات عبد الرحمان بندحو و الحان سعيد المسعودي غناء فؤاد طرب.
أيتها السيدات، أيها السادة.
في ختام هاته الكلمة أود باسم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم أن أشكركم جميعا واحدا واحدا على استجابتكم لدعوة الجهات المنظمة وباسمكم جميعا اوجه الشكر الخاص المشفوع بكل تقدير واحترام للسيد وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الدكتور عبد اللطيف الميراوي ولجمعية جهات المغرب رئيستها السيدة امباركة بوعيدة ومن خلالها لكل رؤساء واعضاء مجالس الجهات ونخص بالذكر في هذا المقام السيد اهرو برو رئيس جهة درعة تافيلالت واعضاء المجلس ومدير ديوانه السيد عزيز بناني وشكرنا ممدود للسيد ابراهيم حافيدي المدير العام للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر اركان والسيد المهدي الريفي المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية وللسيد الكاتب العام لقطاع الثقافة وللسيد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله الدكتور رضوان مرابط والسيد عميد كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط الدكتور جمال الدين الهاني والدكتور محمد السيدي رئيس شعبة اللغة العربية وادابها ومدير مركز الدكتوراه بكلية الاداب بالرباط وللسيد المدير الجهوي لقطاع الثقافة والسيد علي ابرهو مدير تنمية مناطق الواحات بالوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الاركان والسيد فؤاد جعنيط مدير تدبير المشاريع بوكالة التنمية الفلاحية والسيد رئيس مجلس بلدية الراشيدية والسيد رئيس المجلس البلدي بالريصاني، وللزملاء السيدات والسادة الأساتذة الباحثين والطلاب الباحثين الذين لبوا دعوتنا اعدادا وحضوراً ومساهمة علمية جدية مسؤولة، كما أوجه الشكر إلى كل موظفي ومستخدمي المركز الثقافي بالريصاني وفي مقدمتهم السيد مدير المركز على مساعداتهم وتوفيرهم الشروط الموضوعية الكفيلة بإنجاح ندوة وطنية من هذا الحجم، وشكرنا موجه لعمال ومستخدمي فندق زيز بلاس وفي مقدمتهم المدير رشيد المختاري على كل ما بذلوه لتوفير الظروف الملائمة لإقامتنا هناك كما لا يفوتني ان اوجه تحية خاصة لأعضاء اللجنة العلمية واللجنة التنظيمية ولجنة الاشراف العام واخص بالذكر منهم الاساتذة الاعزاء جمال فزة و محسن افطيط و فريد امعضشو وسعيد كريمي وشكرنا موصول لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة على متابعتها للأشغال وإذاعتها للخبر وحضورها دون أن اغفل توجيه التحية والتقدير للزملاء أعضاء مؤسسة فكر.
والتحية والاحترام والتقدير لكل الحاضرين بدءاً وختاماً.
الريصاني، في 25 مايو 2022
محمد الدرويش
رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم