تطرقت صحيفة “لوموند” الأشهر في فرنسا، إلى موضوع العلاقات المتأزمة بين المملكة المغربية وفرنسا في الآونة الأخيرة، معتبرة أن مسألة التأشيرات تسمم العلاقات بين الرباط وباريس منذ عام.
وتحت عنوان “بين فرنسا والمغرب، تأشيرات الخلاف”، رأت الصحيفة الفرنسية، أن وضع فرنسا قيودا على منح التأشيرات لدخول المغاربة، ردا على ما سمته “رفض” المغرب إعادة مواطنيه غير النظاميين بفرنسا يُثير سخطا متزايدا داخل المجتمع المغربي، وسط تزايد الدعوات إلى مبدأ المعاملة بالمثل بالنسبة للفرنسيين المتجهين إلى المغرب.
وقالت “لوموند” إن المثقفين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في المغرب، صعدوا من لهجتهم، على غرار الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي دعت فرنسا إلى الكف عن “غطرستها واحترام مبدأ حرية التنقل”، فيما طالبت الفدرالية المغربية لحقوق المستهلك بسداد رسوم طلبات التأشيرات التي تم رفضها.
وأردفت الصحيفة ذاتها، إلى أن رجال الأعمال والموظفين الذين لديهم مواعيد، وكذا الباحثين المدعوين إلى المؤتمرات والفنانين والآباء الذين لديهم أبناء طلبة في فرنسا، يدفعون ثمن هذه المواجهة الدبلوماسية، بعد أن رفضت السلطات القنصلية الفرنسية منحهم تأشيرات شنغن لأسباب غالبا ما تعتبر تعسفية، مثل الجمعية المغربية لطب العيون، التي لم يتمكن أعضاؤها من حضور المؤتمر السنوي لزملائهم الفرنسيين في شهر ماي الماضي بسبب عدم وجود تأشيرات.
وأشارت إلى أن مديرا لشركة في الدار البيضاء وأحد الأعضاء في غرفة التجارة والصناعة الفرنسية (CCI) في المغرب منذ أربعة عشر عاما، رُفض طلبه الحصول على التأشيرة حيث كان سيشارك في رحلة نظمتها غرفة التجارة والصناعة الفرنسية إلى معرض الصناعة العالمية في باريس، وذلك على أساس أنه لم يقدم دليلا على وسائل العيش الكافية.
واستطردت بأن الأخير أكد أنه قدم وثيقة من غرفة التجارة والصناعة الفرنسية تشير إلى أنه كان جزءا من الوفد وأنه دفع 1500 يورو من التكاليف الضرورية للرحلة مع المجموعة، والمفارقة هي أن هذا المبلغ لم يتم رده له حتى الآن، تضيف “لوموند”.
وسجلت “لوموند” أن عواقب هذه القيود دفعت أرباب العمل الفرنسيين بالاحتجاج على السلطات الفرنسية، كونهم لا يستطيعون استقبال الزبائن والشركاء، ويتم بذلك معاقبة شركاتهم وذكرت الصحيفة أن مشاكل التأشيرة خيمت أيضا هذا الصيف على برنامج المهرجانات الفرنسية، وأحدث مثال حتى الآن، مهرجان الأرابيسك، الذي ينظم في مدينة مونبلييه في الفترة من 6 إلى 18 شتنبر الجاري، يضيف المصدر ذاته.
وتساءلت “لوموند” حول مدى استمرار هذا الوضع، موضحة أن الدبلوماسية الفرنسية ردت عليها بالتأكيد أن “مناقشات رفيعة المستوى” جرت في الربيع وأنه تم تحديد “جدول اجتماعات” منذ ذلك الحين.
وكشفت “لوموند” أن مصادرها في الخارجية الفرنسية أكدت على “العلاقة القوية والقديمة” مع المغرب، لكنها دافعت عن “التطلعات المشروعة” لفرنسا فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية.
واعتبرت الصحيفة، أن مواضيع الخلاف بين البلدين تتجاوز مسألة التأشيرات، حيث إن هناك قضية برنامج التجسس بيغاسوس وطرد الإمام حسن إكويوسن.
كما نقلت الصحيفة عن بيير فيرمرين، المؤرخ المتخصص في المنطقة المغاربية، قوله بأن “السياسة الفرنسية المتمثلة في التواصل مع الجزائر تثير غضب المغرب”.
وأضاف للصحيفة الفرنسية، بأن “المملكة المغربية تتوقع أن تعترف فرنسا بمغربية الصحراء..وبالتالي، يجب وضع مسألة التأشيرات في سياق التوتر الشديد”.
وأوضحت “لوموند” أن المسؤولين المنتخبين في فرنسا يأملون أن تكون الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب زيارة تهدئة.