تناولت مجموعة من الصحف والمواقع الاليكترونية موادا إعلامية حول ملف معروض على القضاء، يتعلق بنزاع عقاري معروض على المحكمة الابتدائية بالرباط.
وبعيدا عن أي دفاع عن الأطراف المعنية بالملف، لأن هذا الدفاع مكانه الغرف القضائية وليس في وسائل الإعلام.
ولأنني لا أدافع عن شخص بلفقيه ولا من معه، لأنني لم أطلع على تفاصيل الملف، لكن من غير المقبول، أخلاقيا وقانونيا، التناول الإعلامي لقضية رائجة أمام القضاء بمنطق التشهير والتأثير الممنهج على القضايا لتصفية حسابات انتخابوية تافهة.
و المثير للاستغراب أن الملفات القضائية المتعلقة بشخص رئيس بلدية كلميم السابق يتم تسريب تفاصيلها إلى الرأي العام، بل سبق أن تم عرض بعض وثائق الملف على قنوات التواصل الاجتماعي والبث المفتوح “يوتوب”…الشيء الذي لن يفيد العدالة والقانون وقد يخدم أجندة أقطاب انتخابية وسياسية على حساب أخرى.
في شأن خرق المقتضيات الدستورية:
مما لا مراء فيه أن التشريعات الوطنية، لاسيما الدستور المغربي، يستحضر في قواعد المحاكمة العادلة المقتضيات الأممية لحقوق الإنسان، والتي تستوجب احترام مبدأ قرينة البراءة، وهو ما تم المس به من طرف المنابر الإعلامية التي تناولت هذا الموضوع، وذلك من خلال تشويه المعطيات المتعلقة بقضايا رائجة أمام القضاء، وشن حملات إعلامية لتعميم معطيات غير صحيحة أو مبتورة على الرأي العام واستغلال سرية الأبحاث والتحقيقات القضائية بسوء نية، لتقديم القضايا للرأي العام خلافا لحقيقتها المعروضة على القضاء.
وعالجت كتابات منشورة بمجموعة من المنابر إعلامية، موضوع محاكمة حول نزاع عقاري بكلميم بطريقة تسعى إلى التأثير على السلطة القضائية، في تجاهل واضح بكون السلطة القضائية في المغرب مستقلة عن الحكومة، بمقتضى الفصل 107 من الدستور وأنه لا يحق لأي أحد التدخل في أحكام القضاة، فضلا عن أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤتمن بمقتضى الفصل 109 من الدستور والباب الثاني من القانون التنظيمي للمجلس، على حماية استقلال القضاء، ومنع التأثير على القضاة في أحكامهم.
بشأن خرق قانون الصحافة والنشر وميثاق أخلاقيات المهنة:
من المعلوم، أن المادة 72 من قانون الصحافة والنشر تمنع كل من قام بنشر أخبار زائفة ونقل إدعاءات غير صحيحة.
وتجرم المادة 75 من نفس القانون في الفرع الثاني/ الباب المتعلق ب”حصانة المحاكم” المس بمبدأ قرينة البراءة أثناء مباشرة المساطر القضائية.
وتمنع الفقرة الأخيرة من نفس المادة “النشر بجميع الوسائل لصور شمسية أو رسوم لأشخاص تكون الغاية منها التشهير عن طريق التشخيص الكلي أو الجزئي لظروف ارتكاب جنحة أو جناية ….”.
وتطالعنا هذه المنابر، بين الفينة والأخرى، بكتابات بالإسم والصورة والصفة لأطراف هذا الملف، الشيء الذي يستدعي مساءلة قانونية وأخلاقية ومهنية للمؤسسات الإعلامية.