انعقد بمراكش مساء الاثنين 20 دجنبر الجاري، ندوة حول موضوع : “تزويج الطفلات بين النص القانوني و الواقع “ من تنظيم فدرالية رابطة حقوق النساء، بشراكة مع اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف بمحكمة الاستئناف بمراكش، و مشاركة العديد من ممثلي الهيئات الحقوقية التي تعنى بالطفل و المرأة,ضمنها اللجنة الجهوية لحقوق الانسان مراكش اسفي، ممثلة بالاستاذ خالد مصباح، والذي أكد على نواقص الإطار القانوني المؤطر لزجر الاعتداءات الجنسية والإشكالات العميقة التي تطرحها مسألة تزويج الطفلات التي أضحت تتخذ صورا أخرى ملتبسة مثل زواج الفاتحة وزواج الكونترا، والتي تشكل بدورها عنفا قانونيا يمارَس على الطفلات، مع ضرورة الدعوة إلى اتخاذ خطوات تشريعية حاسمة من أجل الحد من هذه الظاهرة من خلال تثبيت القاعدة القانونية في سن الزواج المفروض ان يكون محصورا في 18 سنة، وإلغاء كل الاستثناءات التي تضمنها النص القانوني.
واشار المتحدث ذاته، الى بعض الأسئلة المقلقة التي ما تزال تسائل الفاعلين الأساسيين في المجال الحقوقي، مثل استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب في قضايا العنف ضد النساء والفتيات بسبب العوائق القانونية والإجرائية والواقعية التي تحول دون وصول الناجيات من العنف إلى سبل الانتصاف واستمرار الفراغات القانونية بخصوص تجريم أشكال متعددة من العنف، وعدم ملائمة جانب من تشريعاتنا مع المعايير الدولية ذات الصلة بالحقوق الإنسانية للنساء، مؤكدا أن محاربة هذه الظاهرة أكبر من أن تكون قانونية فقط، فهي بحاجة لاعتماد الجوانب ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية”.
وابرز مصباح حسب رأي المجلس الوطني، ما شهدته العشرية الأخيرة ببلدنا حيث تم في هذا الإطار اعتماد استراتيجيات وطنية وقوانين خاصة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تضمنت مجموعة من الأحكام التي تنص على حماية السلامة الجسدية والنفسية والتمكين من سُبل الانتصاف وتوفير المعرفة الكافية لضحايا العنف بحقوقهن ودعم ولوجهن إلى العدالة، مبرزا في المقابل أن هذه التدابير تظل قاصرة عن مكافحة هذه الظاهرة المقلقة لكل الفاعلين والمتتبعين القضية.
و أكد مصباح على أن المعطيات ذات الصلة بمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، ورغم أهميتها، لا تعكس كامل الحقيقة، وذلك لأسباب عدة من بينها : الصعوبات التي تواجه الناجيات من العنف في التبليغ، والخوف من انتقام المعنف، وبطء مسارات الانتصاف، وعبئ الإثبات، فضلا عن العراقيل السوسيو ثقافية التي تذكي ثقافة عدم التبليغ، والضغط على الضحايا بهدف التنازل على الشكايات بهذا الخصوص.
وقد اشرت بهذه المناسبة ايضا الى ضرورة استحضار الخطوات المهمة التي قطعها المغرب في إذكاء الوعي الجماعي، سواء منه المؤسساتي أو غير المؤسساتي للتصدي لظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، وخلق الآليات التشريعية والمؤسساتية الكفيلة بضمان الرصد والملائمة والحماية والوقاية والزجر، مشيرا في هذا الصدد إلى التعديلات الواردة على القانون الجنائي وقانون محاربة العنف ضد النساء، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر، إلى جانب صدور مدونة الأسرة التي شكلت ثورة هادئة في وقتها وحينها قبل التطورات الحقوقية والواقعية التي حصلت بالبلاد.
مشيرا الى حملة المجلس الوطني لحقوق الإنسان “منسكتوش على العنف ضد النساء والفتيات” والتي ستمتد سنة كاملة، من 25 نونبر 2021 الى 25 نونبر 2022، لتشجيع ضحايا العنف من النساء والفتيات على التبليغ على العنف الذي يتعرضن له والنهوض بسبل الانتصاف لترسيخ مبدأ مناهضة الإفلات من العقاب. حيث تصبو هذه الحملة، الى إثارة 12 انشغالا ومأساة خلال سنة كاملة مع فاعلين مؤسساتيين وجمعيات غير حكومية لنكسر صمت الآلاف من النساء والفتيات ضحايا عنف والناجيات منه.
هذا وعرفت هذه الندوة مداخلات هامة تعالج هذه الظاهرة كل من زاوية معالجته لهذا الموضوع المطروح للنقاش تمثلت أساسا في :
– مداخلة الأستاذة والقاضية وعضوة جمعية القاضيات بالمغرب فاطمة اوكادوم في موضوع: “تزويج الطفلات في ضوء العمل القضائي و سؤال المصلحة الفضلى”.
– مداخلة الأستاذ مولاي حسن السويدي نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش،ورئيس اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف بذات المحكمة في موضوع :”الاساس القانوني والواقعي لتزويج القاصرات، أية حماية”.
– مداخلة الأستاذة سناء الزعيمي رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء،نيابة عن الأستاذة فاطمة الزهراء إفلاحن نائبة رئيس الجامعة تحت عنوان : ” دراسة تشخيصية وتحليلية لظاهرة تزويج الطفلات في 3 جماعات ترابية بالعالم القروي بإقليم الحوز.
كما ساهمت في هذا النقاش الأستاذة و الفقيهة و الباحثة و إحدى قيدومات حركة حقوق الانسان والحركة النسائية بالمغرب، الدكتورة فريدة بناني برأيها السديد في هذا الموضوع الذي يعتبر اجتهادا فقهيا متنورا، سيخرج قريبا في دراسة علمية أعلنت عنها الأستاذة بناني بهذه المناسبة سمتها :”تزويج الاطفال رق مستحدث واتجار بالبشر” تعالج بالدراسة والتحليل هذه الظاهرة.
متابعة ادريس دحمان