محمد أكعبور
مرشد ديني بإقليم الصويرة
باحث في الخطاب والإعلام الديني
الحمد لله على نعمة السلطان ، موحد وباني وحامي الأوطان ورحم الله من قضى نحبهم منهم في سبيل نصرة العباد وتحرير البلاد ومد اللهم في أعمار من ولي منهم مواصلة البناء والإعمار .
أتناول هذا الموضوع من خلال محورين :
المحور الأول : حرية الأوطان في فكر السلطان
استفتحه بإشارة :في البنية السياسية والدينية بالمغرب يصعب الفصل بين الحرية والاستقلال لأن العلاقة بينهما استتباعية فكلما ورد أحدهما يرد الآخر وهما توأمان حقيقيان.
كان السلطان محمد الخامس رحمه الله ينظر إلى الحرية على أنها استقلال أجزاء الوطن كله في إطار الوحدة الوطنية والترابية للمملكة ، لكون جلالته أدرك أن فرنسا حرمت المغاربة من أبسط الحقوق والحريات فجعلتهم صنفين :
قاصرين – محاجير وهؤلاء رفعوا في وجهها الحناجر كما رفعوا بأيديهم لمواجهتها الخناجر .
وبذلكم تعني الحرية السيادة والوحدة والتنمية
المحور الثاني : الدلالة والأبعاد
تتخذ الحرية دلالتها من خلال ممارستها ويتخذ مفهومها في فكر السلطان محمد بن يوسف أبعادا منها :
البعد السياسي : ويتجلى في خطاب جلالة الملك محمد الخامس بمناسبة تنصيب صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وليا لعهد المملكة المغربية، يوم الثلاثاء 10 ذي الحجة 1376 الموافق 9 يوليوز 1957 وهو الخطاب الذي تضمن وصية خالدة من جلالته إلى نجله وولي عهده. مما جاء فيه “فحافظ على استقلاله ودافع عن وحدته الجغرافية والتاريخية، ولا تتساهل في شيء من حريته ولا تتنازل عن قلامة ظفر من تربته” .
وما يزال هذا المجد يخلًّد حتى الساعة في كل موقع وساحة وهذه الندوة العلمية تجلٍّ من ذلكم التخليد الذي أصبح اليوم أقوم التقليد.
البعد الوطني :
يذكر الأكاديمي عباس الجراري أن أول خطاب للسلطان عقب اعتلائه العرش 1927 تحدث عن أمرين اثنين وهما :
العمل الفكري من خلال تطوير الفكر والعقل المغربي في إطار مؤسساتي هي المدرسة والمعهد والجامعة والمسجد وقيادة معركة الحرية والاستقلال.
كما تمثل هذا البعد في إصدار جلالته لقوانين وتشريعات أسمى لحماية الحقوق المواطنة والحريات العامة وأسمى تلكم التشريعات الظهائر الشريفة – الظهير الشريف رقم 1.58.376 حول الحريات العامة بالمغرب، وهو ظهير مرجعي في مجال منظومة الحريات بالمغرب.
البعد الديني ؛ والذي ركز على :
تحرير العقل والفكر المغربي من الشعوذة الناتجة عن مخلفات الاستعمار .
حماية المكونات الإثنية والدينية واللغوية في علاقة المغرب بدول الجوار الجغرافي و الحضاري والثقافي
البعد الإنساني ؛ ويتجلى في :
حماية المشترك الآدمي رغم اختلاف الديانة وهنا نذكر اقتضاء وليس قضاء علاقة اليهود المغاربة بالسلطان وتوجسهم بعد صدور قوانين عنصرية أو ما يعرف بقانون فيشي .
وجوابا على رسالة وجهت لجنابه الشريف في شأن منح يهود مغاربة حريات عامة قائمة على ميثاق حقوق الإنسان الذي أعلنت عنه منظمة الأمم المتحدة 1948 …يرد بأن ” جلالته يتمنى أن يتم تعميم ممارسة هذه الحريات كي تشمل كافة رعاياه بلا استثناء أو تمييز” لذلك وصفوا جلالته بالملك العادل والحليم.
وبذلكم سهر السلطان المغفور له محمد الخامس على تحرير الوطن والعقل المغربي والفكر العلمي من مخلفات الاستعمار ليؤسس لسياسة التنمية والإعمار في الولاية الحسنية التي واصلت استكمال الوحدة الترابية للمملكة بمختلف المبادرات والابتكارات ومنها عبقرية ملك : المسيرة الخضراء ، المحطة السياسية السلمية في الأدبيات الدبلوماسية التي ستعرف أوجها في العهد المحمدي الزاهر ، بحصول المغرب على الاعترافات الدولية المتواليات من لدن القيادات السياسية الدولية وكذا من الهيئات التنظيمية بالسيادة المغربية على كامل ومختلف أراضيه ليؤسس الملك محمد السادس للجيل الجديد من الشراكات الجيوستراتيجية انطلاقا من محوري العيون والداخلة ، في سبيل النهوض بالجيل الجديد من التنمية في المشروع الملكي : النموذج التنموي الجديد ومنه نموذج التنمية بالأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية .