بقلم هشام بيتاح
بعد لعنة التعاقد لعنة العمر تلاحق حاملي الشواهد وتحديد سن التوظيف بوزارة التربية الوطنية في سن 30 بين تناقض القانون وصدمة الأف المغاربة بالإحباط.
بفارغ الصبر ممن تجاوزت أعمارهم الثلاثين عاما كانوا ينتظرون مباريات توظيف الأساتذة معلقين عليها أمالهم وطموحاتهم، فبعد أن كان آلاف المغاربة ينتظرون صدور إعلان مباراة جديدة من مباريات توظيف الأساتذة أطر الأكاديميات، والتي لاشك أنهم كانوا يراهنون عليها لولوجها كوافدين جدد حاملين أمال وطموحات مختلفة، توحدها رغبة الارتماء في حضن وظيفة تعليمية، قد تقي البعض من حر بطالة طال أمدها بعد سنوات من اليأس والإحباط وفقدان الثقة، وقد تتيح الفرصة أمام البعض الآخر، لإدراك وظيفة – رغم جدلها – تضمن مستوى معين من الاستقرار الوظيفي والمهني، مقارنة مع وضعيات مهنية أخرى تغيب عنها شروط التحفيز والاستقرار بدرجات ومستويات مختلفة، ولن نخوض في تفاصيل هذا النمط من التوظيف الجهوي وما أثاره منذ تبنيه سنة 2016 من جدل واحتقان، ولن ننبش في حفريات طبيعة الاختبارات الكتابية التي خضع لها الأساتذة القدامى خاصة وأن ملفهم لازال على طاولة النقاش، ولا في مدى نجاعة التكوين التأهيلي، لكننا سنناقش وبكل منطق مدى جرأة الوزارة الجديدة في سن قرارات جديدة قد تتناقض في بعض أبوابها مع قانون الوظيفة العمومية وقد تجد تغرات من جهة أخرى، لكن سندرسها من ناحية أخرى متعلقة بالمجتمع ومحاربة البطالة.
وإن المتمعن جيدا للظهير الشريف رقم 008-58-1 الصادر بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) الذي يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية سيجد في فصله الأول على أن لكل مغربي الحق في الوصول إلى الوظائف العمومية على وجه المساواة، كما ينص مرسوم رقم 349-02-2 صادر في 27 من جمادى الأولى 1423 (7 أغسطس 2002) بتحديد السن الأقصى للتوظيف ببعض أسلاك ودرجات الإدارات العمومية والجماعات المحلية، في المادة الأولى على أنه يرفع إلى 45 سنة حد السن الأقصى للتوظيف المحدد في 40 سنة بموجب بعض الأنظمة الأساسية الخاصة بموظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية في ما يتعلق بولوج الأسلاك والأطر والدرجات المرتبة على الأقل في سلم الأجور رقم 10 والأسلاك والأطر والدرجات ذات الترتيب الاستدلالي المماثل.
وفي ذات السياق وتماشيا مع قانون 05-50 المتعلق بالوظيفة العمومية حيث ينص في الفصل 22 المتعلقة بمسطرة التوظيف على مايلي: ” يجب أن يكون التوظيف في المناصب العمومية وفق مناصب تضمن المساواة بين جميع المترشحين لولوج نفس المنصب ولا سيما حسب مسطرة المباراة.
ومن جهة أخرى فإن تحديد سن اجتياز مباراة التعليم في الثلاثين سنة هو تعميق للفجوة بين حاملي الشواهد ومغامرة في اختيار متخرجين جدد لم يراكموا تجارب في العمل الخاص او العام وهو خرق لمبدأ المساواة وإتاحة الفرصة للجميع في إطار تكافؤ الفرص، وتمكين القطاع من مدرسين راكموا تجارب وخبرات مهنية وحياتية في مجالات أخرى،
فالنجاح تتمكن منه الفئــة التي راكمت مجموعة من التجارب في المجال التعليمي، سواء بالقطاع الخاص أو ببرامج محو الأمية والتربية غير النظامية، فالفئة التي تجاوزت سن الثلاثين هي الأخرى تماني النفس بولوج الوظيفة وحصلت هي الأخرى على شواهد عن جدارة واستحقاق إسوة بالبالغين من العمر ثلاثين سنة، كما أن توظيف أصحاب الشواهد القديمة يعد أمرا مفيدا لعينة وصلت سن اليأس، وعانت كثيرا من ويلات البطالة ومنحهم هذا المتنفس، من شأنه أن يفتح لهم طريقا ولو قصيرا لإعادة الأمل والثقة في المستقبل ونسيان شبح البطالة عكس قرار تحديد التوظيف في سن الثلاثين.
إن تحديد سن التوظيف بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في ثلاثين سنة هو ارتباك حقيقي منذ المؤهلة الأولى وتطاول على أمال آلاف المجازين وأصحاب الشواهد ممن كانوا يحلمون بولوج الوظيفة ولو بالتعاقد، فبعد لعنة التعاقد هاهي لعنة العمر تلاحق حاملي الشواهد بالمغرب.