مكنت الإستراتيجية الزراعية التي جسدها المغرب من خلال “المخطط الأخضر” والتي امتدت على مدى 12 عاما، وإطلاق برنامج “الجيل الأخضر 2020-2030″، واستراتيجية تطوير الفضاء الغابوية تحت مسمى “غابات المغرب” من جعل المغرب منافسا قويا أمام صادرات تركيا وإسبانيا الزراعية لباقي دول العالم.
وفي السنوات الأخيرة، استثمر المغرب بشكل كبير في تعزيز وتطوير قطاعي الزراعة والبستنة، وبعد أن اعتاد صغار المزارعين الاكتفاء ببيع منتجاتهم في الأسواق المحلية، طور هؤلاء الفلاحين، اليوم، من إمكانياتهم بإنشاء شركات مهنية تركز على أسواق خارجية مثل أوروبا وروسيا.
مجلة “هورتي دايلي” الهولندية، المختصة في المجال الزراعي، سلطت الضوء على الجانب التنافسي للمغرب، من خلال عرض تقرير للكاتبة “شارون دي ريدر” بالمجلة، أشارت إلى أن المغرب أصبح منافسا قويا لدول مثل إسبانيا وتركيا في مجال الصادرات الفلاحية.
واستهلت الكاتبة، تقريرها بعرض تجربة شركة “لينا” التي تملكها مواطنة بلجيكية إسمها ليزبيث هاميل وزوجها المغربي عز الدين هاميل، مختصة في استيراد وتصدير الفواكه والخضروات المغربية والبلجيكية منذ عام 2019.
وتقول ليزبيث هاميل: “إن زوجها ولد بالمغرب ولديه العديد من العلاقات الجيدة هناك، ففي العام الماضي، بدأنا في استيراد البطيخ المغربي ومنتجات زراعية أخرى نظير الطماطم، وقرع الكوسة، والباذنجان، بينما قمنا بتصدير التفاح البلجيكي على نطاق صغير السنة الماضي أيضا”.
وأضافت المتحدثة ذاتها، ‘أردنا استكشاف هذا السوق الجديد، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن. لسوء الحظ، أوقفت جائحة الفيروس التاجي العديد من أنشطتنا، ولم تسمح صحة زوجي له بالذهاب إلى المغرب، ومع ذلك، ظل الاتصال الشخصي قائما مع الشركاء المغاربة”.
البطيخ المغربي ينافس المنتوج الإسباني
وأشارت ليزبيث هاميل، إلى “أنه رغم الجائحة، فقد استمرت وارداتنا من البطيخ بلا هوادة هذه السنة، وكان لدينا موسم جميل بكميات كبيرة ومنتج ذا جودة عالية. من جانب أخرى، لم تستطع وارداتنا من الخضار والفواكه أن تستمر هذا العام”.
وتابع المصدر ذاته، “يجب أن تكون منتجاتنا المستوردة عالية الجودة، ولهذا السبب اخترنا عدم تناول الخضار هذا العام، وعوض ذلك، شرعنا في تصدير البطاطس المغربية والبلجيكية والبصل إلى كل من دولتي مالي وموريتانيا”.
نظام الكوتا أو التخصيص
تقول ليزبيث، “إنه من الصعب بيع أفضل فاكهة بلجيكية في المغرب، حيث لم نصدر أي نوع من أنواع التفاح هذه السنة، علاوة على أن أسعار التفاح بالمغرب منخفضة للغاية، بينما تتواجد حاليًا كميات هائلة من التفاح الفرنسي في الأسواق”.
وقد استثمر المغرب الكثير في زراعة التفاح في السنوات الأخيرة، وسلسلة مراكز “كارفور” التجارية العالمية الفرنسية لاعب ناشئ هناك، ولديه اتفاقيات كبيرة مع شركات فرنسية.
ويشكل نظام “الكوتا” أو التخصيص، أيضا، تحد آخر، بحيث يحمي السوق المغربي من الواردات، وعلى الرغم من هذه التحديات، هناك طلب كبير على التفاح البلجيكي، لكن من الصعب خفض الأسعار، إلا أننا نعتقد أن هناك مساحة لبيع التفاح البلجيكي في الأسواق المغربية، تردف المتحدثة ذاتها.
احترافية في نوعية المنتجات المغربية
وشددت هاميل، “أن الطلب على المنتجات المغربية من بلجيكا وهولندا يتزايد بشكل ملحوظ، فالمغرب لديه مجموعة واسعة ومتنوعة من المنتجات التي تطور من جودتها بشكل سنوي، وعفا الزمن على الأساليب الزراعية التقليدية، بحيث تقوم الشركات بإضفاء الطابع المهني والحصول على شهادات جودة لتلبية المتطلبات الأوروبية. كما أنهم يركزون كثيرًا على الاستدامة ويستثمرون كثيرًا في الطاقة الخضراء”.
وأبرزت المتحدثة ذاتها، “أن الشركات المغربية شرعت في جذب كبار المستثمرين، نظرا للأراضي الزراعية الخصبة والجيدة وتكاليف العمالة المنخفضة. لذلك، ترى العديد من الشركات إمكانات إستثمارية في هذا البلد”.
وخلصت ليزبيث هاميل، في تصريحها لمجلة “هورتي دايلي” الهولندية، “أنه لا يزال لدى شركة “لينا” البلجيكية العديد من الخطط والبرامج للمستقبل، أما الآن ومع استمرار الجائحة، فأيادينا مقيدة، وبمجرد زوال الجائحة نتوقع إحراز تقدم جيد”، وفق تعبيرها.
وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى “أن الشركة تعقد صفقات مع شركاء بلجيكيين وهولنديين موثوقين، وهذه الأطراف حريصة على المنتجات المغربية ذات الجودة العالية، وفي بداية سنة 2021، سنشرع في الحمضيات والرمان أيضًا، قبل أن تختم: رغم أن هذا الفيروس خلق الكثير من الحواجز، إلا أننا أكثر تفاؤلاً بشأن السنة المقبلة”.