عاشت طنجة، يوم الاثنين 8 فبراير الجاري، فاجعة صادمة، لقي فيها نحو 28 عاملا وعاملة نحبهم غرقا في سيول الأمطار، التي غمرت وحدة صناعية كائنة في قبو تحت أرضي في فيلا سكنية بالمدينة ذاتها.
العناية الإلهية أنقذت العشرات من العمال الذين كانوا في الطابق الأول للمصنع أو الذين تنقلوا من الطابق السفلي إلى العلوي قبل لحظات من وقوع الفاجعة، لتكتب لهم الحياة من جديد، لكن قصص الصراع بين الموت والحياة بقيت في ذاكرة الناجين..بعد أن اجتاحت المياه المصنع بشكل مباغث وهم يرون أهوال الفاجعة.
ومن بين القصص المثيرة التي عايشها الناجون عن قرب اللحظات الأخيرة قبل وقوع “الكارثة”، قصة الزوجين اللذين توفيا في المعمل، من بين القصص التي دفنت مع أصحابها، وقال أحد الناجين، إن “الزوج كان قد اقترب من مغادرة الطابق السفلي فتذكر زوجته الموجودة مع العالقين، فعاد لينقذها ليواجها قدرهما المحتوم”.
و يحكي أحد العمال الناجين و البالغ من العمر 35 سنة، والمتحدر من قرية با امحمد بإقليم تاونات، لـ”اليوم 24″، تفاصيل القصة المرعبة لغرق 28 من زملائه في المعمل المذكور: “كنا في ذلك اليوم 35 شخصا في الطابق السفلي من المعمل وبالكاد نجونا 6 أو 7 أشخاص”، موضحا كيف كانت رغبته في التدخين سببا في إنقاذ حياته، “إشعال سيجارة سبب نجاته من المصير الذي لاقاه زملاؤه هو أنه كان صاعدا لتدخين سيجارة”.
ويواصل الشاب المتزوج والأب لأربعة أطفال سرد تفاصيل اللحظات المرعبة التي عاشها في تلك الفترة الوجيزة ويده ترتعد، “كان الجميع يهم بالصعود بعدما نادى عليهم أحد العمال، لكن مياه الأمطار تسربت بشكل رهيب وأعادت الجميع إلى الأسفل ليقضوا غرقا في دقائق معدودة”.
وأضاف بودجاجة في تصريح لليوم “24”، والحسرة بادية على محياه: “مر كل شيء بسرعة كبيرة. وسمعت الصراخ في اللحظات الأولى من غمر المياه المعمل، وفي ظرف 10 دقائق كان الأمر قد انتهى وتوفي جميع من كانوا في الطابق السفلي لأن مياه الأمطار غمرته بالكامل ولا يوجد أي منفذ أو مخرج للنجاة”.
ومن بين القصص المثيرة أيضا، في الحادث الأليم، غرق الأخوات الأربع اللائي قضين دفعة واحدة في الحادث، بينما نجت والدتهن.
وتشير المصادر إلى أن الشقيقات الأربع ينحدرن من مدينة فاس، تتراوح أعمارهن بين 23 و35 سنة، جميعهن عازبات، دفعت بهن الظروف بعد وفاة والدهن إلى التنقل إلى طنجة رفقة والدتهن من أجل العمل.
وأضافت المصادر ذاتها أن الأم كانت تستعد لإجراء حفل الخطوبة لاثنتين من بناتها الضحايا، قبل أن تجد نفسها تودعهن جميعا إلى دار البقاء، مشيرة إلى أنها كانت حاضرة لحظة غرق بناتها الأربع وسط موجة من المياه الهائجة، وكادت هي الاخرى تكون من الضحايا بعدما حاولت التدخل لإنقاذ إحداهن، لولا تدخل أحد الأشخاص الذي قام بجذبها من شعرها ومنعها من ذلك.
وفي قصة أخرى لا تقل إثارة، أن إحدى العاملات تأخرت عن الالتحاق بالعمل في الوقت المحدد في 7:30 صباحا، قبل أن تصل في حدود التاسعة لمقر العمل وكانت الظروف عادية، لكن بعد 20 دقيقة بالضبط، لاقت قدرها المحتوم مع زملائها وزميلاتها، كما سجلت الواقعة وفاة أحد الشباب رفقة ابن عمه، وذلك في أول يوم عمل له.