اجتاز مشروع القانون رقم 15.18 المتعلق بالتمويل التعاوني مسطرة التشريع ليصبح قريباً من التنفيذ على أرض الواقع، بعد صدوره المرتقب في الجريدة الرسمية، ليتيح إمكانية جمع الأموال رقمياً من لدن الجمهور لفائدة المشاريع الاستثمارية المبتكرة.
وبموجب هذا القانون الجديد سيكون المغرب من الدول الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تقنن عمليات التمويل التعاوني المعروفة دولياً باسم “Crowdfunding”.
وينظم النص التشريعي جمع تمويلات لفائدة مشاريع، ربحية أو غير ربحية، في حدود 10 ملايين درهم في السنة الواحدة، وعشرين مليون درهم كمبلغ إجمالي.
وتنص مقتضيات المشروع على أن التمويل التعاوني هو عملية جمع أموال من الجمهور، تقوم بها شركة للتمويل التعاوني من خلال إقامة علاقة بين حاملي مشاريع معينة وأشخاص يرغبون في تمويلها عبر منصة إلكترونية تحدث لهذا الغرض.
ويمكن أن تتخذ عمليات التمويل التعاوني شكل عملية استثمار أو قرض بفائدة أو بدونها، أو تبرع. ويجب أن تنجز المشاريع الممولة من خلال منصات التمويل التعاوني فوق التراب الوطني، بما فيه مناطق التسريع الصناعي؛ كما يمكن لهذه المشاريع أن تقام في بلد أجنبي وتحرر بعملات أجنبية.
وعلى مستوى المراقبة، يتكلف بنك المغرب بمراقبة وتتبع عمليات القرض والتبرع، فيما تراقب الهيئة المغربية لسوق الرساميل عمليات الاستثمار في رأس المال.
ويحدد النص إطاراً تنظيمياً شاملاً لأنشطة التمويل التعاوني، يتضمن إنشاء نظام تسيير منصات التمويل التعاوني، من خلال تأسيس شركة التمويل التعاوني، وتحديد نظام الموافقة عليها والإشراف على أنشطة التمويل التعاوني، وتحديد إجراءات وكيفيات تأسيس وعمل منصات التمويل التعاوني، وكذا تحديد التزامات شركة التمويل التعاوني، لاسيما في ما يتعلق بإعلام الجمهور والدعاية وإعداد التقارير.
ويوضح النص أن الأموال المدفوعة من طرف المساهمين برسم عملية للتمويل التعاوني لا تعتبر أموالاً متلقاة من الجمهور كما يعرفها القانون البنكي، كما لا تطبق مقتضيات قانون البورصة على عمليات التمويل التعاوني من فئة الاستثمار.
ويعول المغرب على التمويل التعاوني كآلية تمويل مبتكرة لتعبئة موارد مالية إضافة لفائدة الشركات الصغيرة جداً والصغيرة والشباب حاملي المشاريع المبتكرة، إلى جانب آليات التمويل التقليدية. كما تتيح هذه الآلية للمانحين والممولين وأبناء الجالية إمكانية مساندة مشاريع التنمية في البلاد من خلال منصات مقننة وبسيطة وآمنة وشفافة.
وتضم التركيبة العملية لتقنية التمويل التعاوني حامل المشروع، أي كل شخص أو مجموعة أشخاص ذاتيين أو اعتباريين يعرضون مشروعاً على منصة للتمويل التعاوني بهدف الحصول على تمويل تعاوني.
وبالإضافة إلى حامل المشروع، هناك شركة التمويل التعاوني، وهي شركة تجارية معتمدة نشاطها الرئيسي هو تسيير منصة أو أكثر للتمويل التعاوني؛ ناهيك عن منصة التمويل التعاوني، وهي موقع إلكتروني يربط بين حاملي مشاريع ومساهمين من أجل إنجاز إحدى عمليات التمويل التعاوني.
وتشير الإحصائيات على الصعيد الدولي المتعلقة بالتمويل التعاوني إلى أن آلية التمويل التعاوني تشهد تطوراً سريعاً، بحيث فاق حجم تمويلاتها حوالي 35 مليار درهم سنة 2017، مقابل 1.5 مليارات دولار سنة 2011.
وحسب التوقعات، سيصل حجم سوق التمويل التعاوني العالمي إلى 140 مليار دولار قبل متم سنة 2022، وتسجل أعلى نسب نمو أنشطة التمويل التعاوني في الدول الآسيوية بمعدلات سنوية تتجاوز 200 في المائة، وخاصة في الصين.
وفي المغرب، توجد عدة تجارب لجمع التمويلات عبر الأنترنيت من الجمهور، من بينها منصات تخول للجمعيات جمع التبرعات رقمياً، لكنها أثرها يبقى محدوداً للغاية.
وعموماً، سيمكن القانون الجديد من جمع الأموال رقمياً لفائدة المشاريع المبتكرة عبر استخدام المنصات الإلكترونية للربط المباشر والشفاف بين حاملي المشاريع والمساهمين، لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوجيه المدخرات الجماعية نحو فرص جديدة.
المصدر: هيسبريس