متابعة من الرباط
تبدو الإستعدادات الإنتخابية بإقليم طاطا كماراطون دخلته الأحزاب المحلية لنيل ثقة ورضى المواطن الطاطوي البسيط بعد أزيد من أربع سنوات من الغياب ، حيث عملت الأحزاب على إعادة فتح مقراتها والتواصل مع منخرطيها ومناضيلها في خطوة لدر الرماد في العيون وذلك رغم غيابها عن الساحة،.
فبين الترميم والكولسة يحاول كل حزب بجهد جاهد جدب الشباب بغية كسب بعض الأصوات الإنتخابية والظفر بالمقاعد ، وتلميع صورة شابها غياب التواصل ونجاعة التدبير.
المرحلة الراهنة فرضت على الأحزاب الدخول في سمسرة و سباق قبل الإستحقاقات، ومعه إمتعاض وسخط من المواطنين.
فحزب الإستقلال مثلا الذي تربع طويلا على عرش الإقليم بات اليوم على شفى حفرة من الإنهيار بعدما تفنن في بلاغات إنشائية فارغة من حيث المضمون ،وعاش على وقع الاستقالات خصوصا خلال الفترة الاخيرة، الأمر الذي دفع بعض المناضلين إلى تشبيهه بالبيت الذي لا ديمقراطية فيه.
أما الحركة الشعبية التي كادت ترى النور سرعان ما توارى ضوئها وخفت، وأصبحت تعيش أخر أسطر حكاية بدءت بالأمس القريب ، خصوصا مع مايشوب بعض مناضليها من شوائب وعيوب شخصية لم تشفع للحزب الوليد أن يجد لنفسه موطأ يأويه، ليُكتب للحزب موت سريري قبل أن دخول غمار المنافسة.
العدالة والتنمية التي إكتسحت ثلاث جماعات في الإنتخابات السابقة هز دهاليزها زلزال بأعلى معدلات مقياس ريشتر حيث شهدت موسم نزوح هجرة لثلة من أعضائها بكل من تمنارت و أقا، وتبدء قصة البحث عن وجوه جديدة تعيد بريق الأمل .
وفي الوقت الذي أصلت الأصالة والمعاصرة لنفسها ونيابة عن الحزب أسماء منبودة وباتث غير مرغوبةً في أعين الطاطويين ليكون الحزب الغائب الحاضر بالإقليم.
التجمع الوطني للأحرار الذي نال ثقة المواطنين في الإنتخابات التشريعية الفارطة، وغاب ممثله عن ساحة الإقليم،نهج سياسة النعام، وظل التكثم والصمت سيد الموقف عسى يشفع له عما فات، محاولا إستقطاب الوجوه بما جادت به مشاريع “جود”.
اليسار الإشتراكي الموحد أراد الجمل بماحمل ،فلم يستطع بذلك إعادة الروح لحزب لطالما هز ذهاليز وأروقة الرباط في صفوف المعارضة ، ليصير بإقليم طاطا نكرة دونما إضافة تذكر بالمشهد السياسي المحلي.
أحزاب أخرى ظهرت للعيان في رغبة منها لكسب الود، متناسية الدور المنوط بها في التأطير و الإنصات لهموم وتطلعات الساكنة ، ليطبع مشهد طاطا “النكبة الجفاف” ، وغياب رؤية واضحة المعالم تنتشل المدينة المنكوبة من غيابه التهميش والإقصاء و تبلور نشاطا إقتصاديا إجتماعيا كفيلا بالرفع من وثيرة التنمية بالإقليم.
أمام تضارب المصالح بين الاحزاب السياسية التي جعلت من الكعكة الانتخابية وسيلة وليست غاية، يبقى الوضع السياسي الذي يعيشه الاقليم خصوصا في هذه الفترة الحرجة المرتبطة بالجفاف و التداعيات الاقتصادية التي تشهدها البلاد و مخلفات فيروس كورونا، أصبح الإقليم محتاجا اكثر من أي وقت مضى إلى نخب وكوادر قادرة على خدمة قضايا المواطن والمساهمة في إصلاح وتحريك المشهد السياسي والعمل بشكل دؤوب ومستمر في إتجاه إقناع المؤسسات الحكومية بالاستثمار والرفع من ميزانيات مجموعة من القطاعات لصالح إقليم طاطا، ناهيك عن تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، والعمل على وضع برامج تنموية فعالة تستهدف الطبقة المطحونة لإنقاد مايمكن إنقاده في أفق الإنقاد الشامل للإقليم.