آراءسلايدشومال وأعمال

حماية المال العام من طرف المجتمع المدني

بقلم: محمد جردوق: رئيس لجنة الشؤون القانونية والعلاقات العامة بالتعاضدية المغربية لحماية المال العام فرع القصر الكبير.

يعتبر المال العام من أهم وسائل تدبير الشأن العام والعمود الفقري في بناء وتكوين وتسيير الدول، والركيزة الأساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، لذلك أضحى توفير الموارد العامة للدولة لتتمكن من إشباع حاجياتها و صرفها بشكل عقلاني يستدعي العمل على حسن التدبير المالي لهذه الموارد، و لهذا السبب، أصبحت الرقابة ضرورية لحماية المال العام، فهي لا تعد شرطا لتدبير أمثل لموارد الدولة فحسب، وإنما أضحت ضمانة كذلك لأمنها المالي، و وسيلة لتحديث التدبير المالي و الإداري بشكل يدعم مبادئ الشفافية والمساءلة، و يوفر ضمانات قوية لزجر المخالفات و الانحرافات و الجرائم الماسة بالمال العام.

إذن ما هو مفهوم المال العام في التشريع المغربي ؟
وإلى أي حد استطاع المجتمع المدني التصدي لجرائم الأموال العامة؟

المحور الاول: مفهوم المال العام في التشريع المغربي

لقد نظم المشرع المغربي الأموال العامة من خلال ظهير يونيو 1914 المعدل بظهير 29أكتوبر 1929، والذي حدد من خلال الفصل الأول أن الأموال العمومية هي الاملاك العمومية التي حصرها في:

أولا: شاطئ البحر الذي يمتد إلى الحد الأقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة امتار تقاس من الحد المذكور.

ثانيا: الأخلجة والمراسي والمواني وملحقاتها.

ثالثا: المنارات والقنارات والعلامات التي توضع للإنذار بالخطر وكافة الأعمال المعدة
للإضاءة والإنذار بالمخاطر في الشواطئ وملحقاتها.

رابعا: المياه التي على وجه الأرض أو نحتها ومجاري المياه والينابيع على اختلاف أنواعها .

خامسا: الآبار المعروفة بالإرتوازية والتي يفجر منها الماء وأيضا الأبار والموارد والبحيرات كبيرة أو صغيرة والسباخ والمستنقعات والغدران على اختلاف أنواعها، وتدخل في هذا القسم سائر قطع الأراضي التي ولو كانت غير مغطاة بالماء على الدوام فهي مع ذلك غير صالحة للفلاحة اعتياديا كالمرجات و غيرها.

سادسا: البحيرات الكبيرة أوالصغيرة والمستنقعات والسباخ والآبار المعروفة بالارتوازية وسائر الأبار والموارد العمومية

سابعا: الترع التي تسير فيها المراكب والتي تستعمل للري أو التي تجفف وتعتبر أشغالا عمومية.

ثامنا: الحواجز والسدود والقنوات والأشغال التقنية وغيرها مما يحدث بصفة أشغال عمومية، وذلك لوقاية الأراضي من طغيان المياه أو لحاجات المدن أو الاستخدام قوة الماء.

تاسعا: الطرق والأزقة والسهول والسكك الحديدية الخارجية والكهربائية والجسوره وعلى العموم الطرق الموصلة أيا كان نوعها التي يستخدمها العموم

عاشرا: الأسلاك التلغرافية والتلفونية والأبنية الحديدية المعدة للتلغراف اللاسلكي.

حادي عشر: كل الاستحكامات والتحصينات المتعلقة بالمواقع الحربية والمراكز العسكرية وتوابعها، وعلى العموم كل الأراضي والأعمال التي لا يمكن للأفراد أن يمتلكها لأنها مشاعة.

المحور الثاني: دور المجتمع المدني في مواجهة جرائم المال العام

إن دور المجتمع المدني باعتباره فاعلا في تخليق الحياة العامة يعمل من أجل التحسيس بأهمية سيادة الديمقراطية، وتكافؤ الفرص في المشاركة في إعداد السياسات العامة وفي تنفيذها ومراقبتها وتتبعها وتقييمها، حسب ما ينص عليه الفصل 12 من الدستور المغربي.

ومن بين أهم ركائز التغيير الذي جاء به دستور 2011، هو الاعتراف بدور المجتمع المدني في ترسيخ قيم محاربة الفساد، وتخليق الحياة العامة عبر المراقبة والمشاركة والتقيم، فعلى مستوى المراقبة، فقد أتى الدستور المغربي معبرا على ذلك من خلال وجوب مراقبة المجتمع المدني المهتم بقضايا الشأن العام للسياسات العمومية، وتتم هذه المراقبة عن طريق تقديم عرائض للسلطات العمومية.

أما على مستوى المشاركة في إتخاذ القرار، فقد نص الدستور على انه يساهم المجتمع المدني في إطار الديمقراطية التشاركية في إعداد قرارات ومشاريع المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في اعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها، وعلى السلطات العمومية إحداث هيئات للتشاور قصد تحقيق هذه المشاركة، أما على مستوى التقييم، يلاحظ إن الدستور الجديد جاء بخاصية جديدة تتمثل في إمكانية المجتمع المدني تقييم السياسات العمومية المتبعة من طرف الحكومة وإبداء الرأي والاحتجاج عليها ان اقتضى الحال ذلك.

إن الدستور المغربي الجديد إذ يعترف بأهمية دور المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، وكذا في تخليق الحياة العامة، إلا أن تفعيل هذه المقتضيات يشكل تحديات حقيقية أمام المجتمع المدني .

مراسلة عادل بن احساين

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *