كان التجاهل ولغة الصمت المطبق جواب المجتمع الدولي تجاه المراسلات العديدة التي قام وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة بإرسالها إلى عدد من المنظمات الإقليمية والعالمية، وذلك تنديدا بمقتل 3 مواطنين جزائريين في حادثة اتهم فيها النظام الجزائري المغرب بضلوعه فيها، وتسببه باستهداف مدنيين كانوا في حركة نقل تجاري.
واعتبر عدد من متتبعي مسيرة التوتر الحاصل بين البلدين، إلى أن الصمت الذي قابل به المجتمع الدولي مراسلات لعمامرة، هو برهان وتأكيد على أن فواعل النظام الدولي، دولا ومنظمات دولية، قد اتضحت لهم الصورة الحقيقة لنظام تبون، وانكشفت لهم الأهداف الخفية من وراء الاستفزازات المتكررة من هذا النظام تجاه المغرب.
في هذا السياق، أوضح عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الجزائر قد جندت كافة السبل والقنوات والمنصات الدولية لتضليل المجتمع الدولي حول حقيقة استهداف القوات المسلحة الملكية لشاحنتين تجاريتين جزائريتين، حيث بعد افتضاح أمرها في روايتها الأولى بسبب التوضيحات التي قدمتها السلطات الموريتانية حول الحادث، والذي حذر فيه الجيش الموريتاني من التعامل مع المصادر الإخبارية المشبوهة، حاولت الجزائر تدارك الأخطاء التي ارتكبتها لتطلع للرأي العام برواية جديدة وبأن الأمر يتعلق بشاحنات مدنية للنقل التجاري، ليأتي بعدها تقرير المينورسو ليفند هذا الادعاء بقوله إن الشاحنتين توجدان في المنطقة العازلة، كما أشار بنلياس إلى أن هذا التضارب في الروايتين هو الذي أدى إلى وضع قصر المرادية في موقف محرج أمام المجتمع الدولي.
وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أن دول العالم لم تُعر أي اهتمام للحادث بسبب الشكوكً التي تحوم حول حقيقته، بل حتى المجهود الدبلوماسي الخرافي الذي قام به وزير الخارجية رمطان العمامرة لشرح هذا الادعاء للمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية المتواجدة بالعاصمة الجزائرية كانت مجرد جعجة في واد لم يلتفت إليها أي أحد، وأضاف بنلياس أن ذلك كان بسبب القناعة التي بدأت تترسخ لدى الدول بأن النظام الجزائري يبحث عن كل الوسائل لخلط الأوراق في المنطقة المغاربية، بعد الهزائم الدبلوماسية المتتالية للجزائر في المحافل الدولية، والتي كانت تبحث عن إقناع الدول بأطروحتها المشروخة والمتهالكة والتي عفا عنها الزمن.
كما أضاف بنلياس إلى أن عدم انجرار المجتمع الدولي وراء الجزائر في فبركة أحداث وهمية وبافتعال وقائع بإخراج رديء، هو في الحقيقة وقوف بجانب السلم والاستقرار الذي يجب أن يسودا منطقة شمال إفريقيا، كما أنه دعم للحكمة والتبصر الذي تتمتع بهما الدبلوماسية المغربية في تعاطيها مع الاستفزازات والقرارات المتهورة للنظام الحاكم في الجزائر.
وتابع الأستاذ ذاته إلى أن الدول صارت تعرف جيدا أن الجزائر لا تقول الحقيقة ولا تفكر في استقرار المنطقة، بل تفكر فقط في تصدير مشاكلها الداخلية نحو تهديد خارجي مفترض، وتحاول جاهدة تقديم نفسها بأنها الشريك الأفضل والمخاطب الأوحد في المنطقة.
واعتبر عبد العالي بنلياس حديثا عن العوامل التي جعلت المجتمع الدولي يقابل مراسلات لعمامرة بصمت مطبق، بان هناك ثقة عالية من دول العالم تجاه المغرب، وهناك إيمان جماعي بأن المملكة لها تأثير أيجابي في المنطقة، من خلال توفيرها للاستقرار وتوفيرها أيضا لفرص التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني والاستراتيجي.
وأضاف الاستاذ نفسه أن المملكة دولة موثوق في سياستها وقراراتها، وهذا ما جعل الدبلوماسية الجزائرية في وضع صعب وفي مهمة مستحيلة لإقناع المجتمع الدولي بصحة تسبب المغرب في هذه الأحداث، كون النظام الجزائري قد فقد مصداقيته، ليس بسبب هذه الادعاءات فقط، ولكن بفعل سياسة هذا النظام التي تساهم في تعطيل القطار المغاربي، وكذا لاحتضان الجزائر لجسم غريب يكرس التوتر في المنطقة.
كما رأى بنلياس أن من بين أسباب الثقة الموضوعة في المغرب كان النجاح الكبير الذي حققته المملكة في عدد من المكتسبات، خاصة ما يرتبط بقضية الوحدة الوطنية ، والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن الدولي وقرار اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
جدير بالذكر أن وزير الخارجية الجزائري قد قام بالتواصل مع منظمات إقليمية وعالمية، من بينها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الاتحاد الإفريقي وكذا منظمة التعاون الإسلامي، وذلك عبر مراسلات اتهم فيها المغرب بالتسبب بمقتل 3 مواطنين جزائريين، غير أن مراسلات لعمامرة قابلها صمت رهيب وبقيت دون رد من الأمناء العامين لهذه المنظمات.