سلايدشوسياسة

المغرب وموريتانيا تاريخ ومصير مشترك

بين المغرب وموريتانيا علاقات تاريخية، قلما نجدها في دول العالم، فتاريخيا اسم موريتانيا جاء من مملكة موريتانيا الطنجية التي تأسست تحت حكم الرومان عام 42 م في شمال المغرب، في حين نجد أن الموريتانيين أول من اطلق الاسم الأجنبي (Marruecos) على المغرب، وهو الإسم الذي نجد له ارتباطا بمراكش التي أسسها المرابطون والذي يعني الملثون بحكم قدومهم من الجنوب عام 1069م.
لا يمكن للباحث في التاريخ أن لا يقف على الدور الكبير الذي لعبته قبائل بني حسان في القرن التاسع عشر، فقد تأسست امارات حسانية وتم تداول اللهجة الحسانية، كما أن إمارة أترارزة لجأت إلى سلطان المغرب من اجل تدعيم تواجدها في الجنوب إلى نهر السينغال.
على المستوى الروحي، يشير الدكتور محمذن ولد المحبوبي على دور الحركات الصوفية في التبادلات العلمية والثقافية وعلى الأخص الشاذلية -التجانية –القادرية، كما يؤكد بشيء من التدقيق على اوجه التواصل الثقافي والعلمي بين المغرب وبلاد شنقيط، واوجه التأثير المتبادل ارتباطا بحجم تقدير الشناقطة للعلماء والأعلام في المملكة المغربية حيث كانوا قدوة ومثلا يحتذى، نضيف ايضا حرص الشناقطة على تجشم العناء لزيارة العلماء والمزارات هناك وذكر مؤلفاتهم والطرق الصوفية والكتب المغربية المعتمدة لدى المحظرة في شنقيط…

و في علاقات القرابة نجد أن زوجة السلطان مولاي إسماعيل وجدّة السلطان سيدي محمد هي السيدة أخناثة بنت بكار المغافري الشنقيطي وهي قادمة من أرض أترارزة موريتانيا.
في الفترة الكولونيالية، تتوطد العلاقات بين المغرب وجيرانه، فبعد تدعيمه للأمير عبد القادر، العديد من الباحثين يتجاهلون الدعم المغربي للمقاومة الموريتانية، والتي لا يجحدها إلا جاحد، فالمغرب كان يزود المقاومة بالمال والسلاح عن طريق المقاوم الشيخ ماء العينين، المعين بظهائر شريفة، الدعم والتقارب بين المقاومتين المغربية والموريتانية اسفرت عن تنفيذ عملية اغتيال كبولاني (كزافيي كبولاني، Xavier Coppolaniأول حاكم فرنسي لموريتانيا. الذي قتل علي يد المقاوم سيدي ولد مولاي الزين يوم 12 مايو 1905 في معركة تيجكجة وسط موريتانيا. ايضا استشهاد الأمير سيدي أحمد ولد أحمد عيده الذي استشهد في طريق هجرته إلي المغرب سنة 1932م وقد استقبل المغرب عائلته وأولاده وأكرم وفادتهم على عادته.
سعى المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه إلى تجاوز الخلافات السياسية بين المغرب والشقيقة موريتانيا في وجه الحرب التي فرضتها عليها الجزائر وقدم الدعم الكامل، وفي هذا الصدد نجد أن القوات المغربية انتشرت في الأراضي الموريتانية من أجل دعمها ضد هجمات البوليزاريو المدعومة للأسف من الجارة الشرقية.

في كلام للرئيس الراحل المختار ولد داده حول الراحل الحسن الثاني يقول أنه بالرغم من خلافاتنا حول بعض القضايا، فقد كان سلوكه تجاهي لائقا تماما، وهو سلوك يتسم بالاعتبار والتقدير بل والاحترام لا سيما بعد بدء الحرب. فلم يحاول قط أن يستغل موقف قوته أو أن يظهر بمظهر متغطرس من شأنه أن يهيننا خلال هذه المرحلة التى واجهناها معا. وبكلمة واحدة كان حليفا وفيا يحترم التزاماته، كما يحترم شريكه الأضعف منه. إنه سلوك حري بالثناء والتقدير.
متم الإنقلاب العسكري صيف سنة 1978م في موريتانيا، طلب من القوات المغربية الإنسحاب فأستجابت للأمر، في الوقت الذي كان ممكنا أن يتدخل ويعيد الرئيس الحليف له إلي الحكم، فالقوات المغربية كانت على الأرض، والجيش الموريتاني في اضعف حالاته نتيجة هجمات القوات الجزائرية، هنا نشير أن الرئيس السابق محمد خونا قد أقر في مذكراته ان الجيش الجزائري هو من قضى على الحامية الموجودة في عين بن تيلي.
في مرحلة حكم ولد هيدالة وانقطاع العلاقات الديبلوماسية سنة 1982م لم يتوقف المغرب عن استقبال الطلاب الموريتانيين وكان موقفه مشرفا ففصل بين موقف الحكومة الشاذ وموقف الشعب.

وحتى لا نطيل، فالعلاقات اليوم المتأرجحة بين الشذ والجذب لابد لها من ان تستحضر عمق العلاقات والتكامل بين الثقافة المغربية والموريتانية، عبر بوابة الصحراء، فبدل أن يكون التعاون تجسيدا لعمق العلاقات بمنطق رابح رابح، فإننا نجد بعض القوى الإقليمية تسعى جاهدة إلى تعكير صفو تلك العلاقات لأنها تعلم جيدا أن تعاونهما يجعل من الدولتين كتلة إقليمية لا يستهان بها في المنطقة من خلال التكامل الإقتصادي والثقافي والروحي بين المغرب و الشقيقة موريتانيا.

د/ الحسين بكار السباعي
محام بهيئة المحامين بأكادير والعيون.
باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *