هي بوابة الأطلس المتوسط، وهي حاجب العاصمة الإسماعلية، مدينة جمعت بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة. هي مدينة الحاجب ذات المؤهلات المتعددة التي قد ل تفصح عن نفسها للوهلة الأولى، لكن جولة بعين المكتشف في وسط وضواحي المدينة قد تكشف لك أن ما يعرف عن هذه المدينة قليل. فهي مدينة تتعدد فيها العيون المائية، والكهوف، إضافة إلى الفضاءات الخضراء، وكذلك المؤهلات الفلاحية. لكن ما يهمنا هنا هو هذا الموروث المائي الطبيعي المتمثل في تعدد عيونها سواء داخل المجال الحضاري أو ضمن الجماعات القروية.
صورة شخصية للفريق بتاريخ (2023/04/04) لعين خادم بمدينة الحاجب بعد تأهيلها.
مدينة الحاجب ونعمة الماء
معلوم اليوم أن العديد من الجهات والمدن في المغرب قد دقت ناقوس الخطر فيما يخص الوضعية المائية
بها، فإن عيون مدينة الحاجب تشكل خزانا مائيا بامتياز، أبعد حتى اليوم الساكنة من شبح العطش، كما أن هذه الأخيرة أضفت طابعا من الجمال على المدينة جعلتها خلال الصيف المنصرم “وجهة” لعدد مهم من الزوار. وقد ل ننكر أنه منذ السنوات الأخيرة كان التوجه العام هو ضرورة إعادة تأهيل هذه العيون وتحسين الفضاءات الخضراء، وهو فعلا ما تم من خلال رصد مبالغ ل يستهان بها، لتظهر بعض هذه العيون في حلة جديدة، كعين الذهيبة، وعين خادم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا بعد التأهيل؟ هل هناك استراتيجية للحفاظ على هذا المجهود؟ وهل هناك استراتيجية لستثمار هذا المجهود ليكون قاطرة لتنمية المدينة؟
الحديث في البداية عن المعادلة السابقة والمتمثلة في الربط بين التأهيل من جهة وحماية هذا الإرث المائي،
من جهة ثانية، يدفعنا لستحضار المثل الشعبي المغربي القائل ” يا المزوق من برا آش خبارك من الداخل“، فهذا المجهود الذي انطلق منذ سنة 2020م هو موجه بالأساس للإنسان المحلي أول، وكذلك للزوار الوافدين على المدينة ثانيا. وبالتالي فالمفروض أن يكون العنصر البشري على قدر المسؤولية لحمياة هذا المورد الطبيعي الغني، ويكفي الوقوف على بعض مظاهر هذا التطاول لنعرف أنه قبل الحديث عن أي تأهيل لبد من الحديث عن تأهيل العنصر البشري. وهي المسألة التي تم الوقوف عندها مع بعض آراء الساكنة الحجباوية. فحسب أحد سكان المدينة (موظف متقاعد مهتم بالشأن المحلي) فإن من أكثر معيقات التنمية بشكل عام هي الأمية والجهل، مما يجعل أي مجهود قد يصطدم باللامبالة والتخريب. وهي التي لوحظت في تنامي ظاهرة رمي الأزبال بالفضاءات الخضراء التابعة لهذه العيون، بل وحتى في منابع ومجاري هذه الأخيرة.
صورة شخصية للفريق بتاريخ (2023/04/08) لأحد المجاري المائية المهمة بمدينة الحاجب حيث تتجمع فيه بعض النفايات.
وكذلك استعمال بعض هذه العيون لغسل الأفرشة بشكل مثير(تلويث المياه بالمواذ المنظفة، تشويه جمالية الفضاء)، أمر لم يقتصر فقط على المجال الحضري بل حتى المجال القروي فحسب أحد ساكنة الجماعة القروية لبوخو( رجل فلاح)، التابعة لمدينة الحاجب، فإن “عين بوخو” هي الأكثر عرضة لمثل هذه التصرفات خصوصا في فصل الصيف من طرف ساكنة المناطق المجاورة للعين. وإذا كان البعض يحمل المسؤولية للساكنة المحلية والزوار، فإن البعض الآخر يرى أن غياب الردع والمراقبة هو سبب هذا التطاول. لكن بعيدا عن هذه الأراء فإن المسألة قد تكون أبعد من ذلك، وهي مدى حضور مثل هذه المشاريع في الحياة القتصادية والجتماعية للساكنة، فالعيون في نظر البعض مجرد معطى جمالي اعتاد عليها السكان، لكن لو تم جعل مثل هذه المؤهلات قاطرة تنموية تدر مداخيل مادية يستشعرها المواطن لكان التعامل معها بمنطق آخر.
صورة شخصية للفريق بتاريخ (2023/04/04) لعملية غسل الأفرشة في إحدى العيون بمدينة الحاجب (رغم المنع)
وحسب بعض آراء الساكنة الحجباوية فإننا نجدها قد اتجهت هذا التوجه، لم تنكر أهمية التأهيل لأنه حافظ على موروث كان في ركن الإهمال، لكن لبد من ربطه ببنية تحتية سياحية مرافقة (أماكن الإيواء مثلا) والتي حسب منوغرافية جهة فاس – مكناس لدجنبر سنة 2020 تبدو جد محتشمة (7مؤسسات سياحية فقط) مقابل (68 مؤسسة بمدينة إفران على سبيل المثال) مما قد يجعل المدينة محطة استقبال لعبورا للسياح. وهذا ما يدفع بالقول أن هذه المطامح تستلزم التدخل المتعدد الأطراف وفق مقاربة تشاركية؛ الدولة والمجتمع المدني والساكنة (الفرد) كل حسب مسؤولياته. فتعزيز الوعي بضرورة حماية هذه العيون وفضاءاتها الخضراء يقتضي اعتماد المقاربة التوعوية من جهة والزجرية من جهة ثانية. كما أن تفعيل دور المجتمع المدني مسألة مهمة خصوصا الأنشطة التوعوية التي يجب أل تكون حبيسة المناسبات، أو ذات أبعاد خاصة. كما ل ننسى أن حماية هذا الموروث المائي يقتضي الهتمام ببناء وعي عام، يقوم على محاربة الأمية والجهل والبطالة. مما سينعكس بشكل إيجابي في السلوكيات وردود الأفعال.
وخلاصة القول أنه إذا كانت العيون في مدينة الحاجب إلى يومنا هذا تتدفق بمياه أعطت للمدينة خصوصية طبيعية مميزة، فإن واقع بعض المجالت المجاورة قد تجعل الغيورين يدقون ناقوس الخطر. فكل استراتيجية تنموية يجب أن تنظر على المدى البعيد، وتراعي العنصر البشري المستهدف وخصوصيته.
فكل صرف للأموال يجب أن يدر مداخل مالية جديدة.
مقال من إنجاز فريق مسابقة الصحفيون الشباب من أجل البيئة بإعدادية ابن خلدون بالحاجب
الموسم الدراسي 2023/2022