رياضةسلايدشو

الـــــــــــــرجاء العالمي على أبواب المجهول

المحلل الرياضي: غاندي الحبيب   

  يعرف فرع كرة القدم لنادي الرجاء الرياضي منذ فترة ليست بالقصيرة حالة احتقان جعلت النادي على أبواب صدام وشيك في أي لحظة حتى جاءت هزيمة الديربي الأخيرة وبالكيفية التي آلت بها نتيجة المقابلة للغريم الوداد الرياضي الذي لم يحتج سوى لخمسة عشر دقيقة الأولى لحسم نتيجة المقابلة والتعامل مع باقي اطوارها بما يناسب حصوله على النقاط الثلاث.

        منذ مدة ليست بالقصيرة والجميع كان ينادي بإقالة مدرب الفريق جمال السلامي الذي لم يشفع له فوزه بلقب البطولة و الذي فاز به الفريق لأول مرة منذ سبع سنوات ولا حتى التأهل لنصف نهائي عصبة أبطال أفريقيا بعد خمس عشرة سنة عجاف. كان الكل يعيب على المدرب السلامي تخوفه من المغامرة الهجومية إلى جانب  تغييراته التكتيكية غير المفهومة حتى أن البعض سار أبعد من ذلك واعتبر الفوز بلقب البطولة ضربة حظ فقط نتيجة ضعف المنافس المباشر الوداد والذي كان حسم أمر اللقب في الدقائق الأخيرة من عمر البطولة قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب في آخر الثواني من مباراة الرجاء والجيش وأن النقطة التي حسمت أمر اللقب لصالح الرجاء لم تكن سوى نتيجة لمقابلة الرجاء والدفاع الجديدي التي تمت إعادتها والتي قيل في شأنها الكثير بعد امتناع الرجاء من لعب اللقاء بدعوى التزامه بمقابلة خارج  أرض الوطن.

        في الواقع إن ظروف تعيين السلامي مدربا للرجاء  ولا حتى الاحتفاظ به ثم التشبث به بعد  صفعة الديربي الأخير لم تكن تقنية بالمرة بقدر ارتباطها بالوضعية المالية المزرية للنادي، فالرجل عين مباشرة بعد ذهاب ديربي كأس العرب  الذي انتهى بالتعادل هدف لمثله حينها قاد الرجاء المدرب الفرنسي باتريس كارطيرون والذي  كانت نتائجه مع الفريق جد إيجابية فكان الانفصال مفاجئا ربما باتفاق الطرفين بعد أن تأكد المكتب المسير من عجزه على تسديد راتب المدرب الذي يصل إلى 40 مليون سنتيم في وقت لم يتجاوز راتب السلامي نصف هذا المبلغ وذلك قبل تحسينه بعد التتويج بلقب البطولة ،ليس هذا فحسب بل أن المدرب السلامي وباعتباره ابن الفريق سيكون أكثر من متفهم للوضعية المالية العصيبة التي يمر منها هذا الأخير مما يعني أن المكتب المسير على الأقل سيرتاح نسبيا من صداع توفير راتب المدرب شهريا، حتى أنه في حالة ما أراد مغادرة الفريق فإنه لن يكلف الفريق شرطا جزائيا بفعل الانتماء للفريق.

      إذن يمكن القول أن اللجوء لهذه السياسة التقشفية هي التي اضطرت المكتب المسير لاختيار السلامي مدربا وهي التي أرغمته على الحفاظ عليه كل هذه الفترة مع العلم أن الأمور كانت ستنتهي بكارثة بكل ما للكلمة من معنى منذ مقابلته الاولى مع الفريق والتي تزامنت مع ديربي العرب الشهير بعد انهيار كلي للفريق وتلقيه أربعة أهداف متتالية قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب في العشر دقائق الاخيرة  من اللقاء بقدرة قادر.

      إن أزمة الرجاء ليست أزمة مدرب ولا أزمة مكتب ولا أزمة أموال، فهده ليست سوى مظاهر لأزمة حقيقية مرتبطة بالنخب الرجاوية التي تزايد على بعضها البعض في حبها للفريق وتعمل على توجيه الرأي العام الرجاوي  بشكل يخدم مصلحتها ورغبتها لوحدها في احتكار تسيير الفريق مع التعصب الفارغ بالانتماء لهذا الكيان  ضد الغريم الوداد دون إدراك لخطورة هذا التعصب والذي سيؤدي حتما في يوم من الأيام لنتائج كارثية مالم يتخذ أصحاب القرار الرياضي بالبلاد خطوة ضد محركي هذا التعصب بالرغم من توجيههم لأكثر من رسالة تحذيرية لرواده.

      منذ سنة 2010  وبعد التيفو الشهير BASTA  (كفاية بالإسبانية) والفريق في حالة من الشد والجذب بين معسكرين ينتميان للفريق، معسكر واقعي يحاول تسيير شؤون الناي بشكل واقعي وفق إمكانياته ويضع نصب أعينه استمرارية الفريق على المدى الطويل ومعسكر آخر لا يريد سوى التتويج سنويا وبكل الألقاب والذي زادت درجة سعاره بعد انتعاشة الغريم الوداد منذ سنة 2015 م و أصبح هاجسه التفوق على هذا  الفريق بشكل أو بآخر وهو ما دفعه إلى التوقيع للاعبين بأثمنة خيالية دون مراعاة لميزانية الفريق والوقوع فريسة لجشع السماسرة  بدعوى أن عدم التوقيع للاعب الفلاني يعني أنه سيوقع للغريم وبالتالي ستضيع على الفريق الصفقة وسيفوز به الغريم الوداد و سيحقق بفضله الألقاب لكن النتيجة التوقيع للاعبين انتهت صلاحيتهم بأثمنة خيالية دون تقديم إضافة ( مثلا القديوي يدين للفريق بحوالي مليار سنتيم) قبل أن يغادر من ورطوا الفريق تباعا في هذه الأزمات المالية دون أن يقدموا حلولا لها  ليتحمل  المكتب الحالي لوحده ي تبعاتها بعد أن غادره رئيسه (الزيات) الذي ساهم في تأزيم الوضعية المالية للفريق خاصة إذا علمنا  تجديده للاعب مثل متولي بعقد يصل لمليار سنتيم في موسمين دون الراتب الشهري والحوافز وهذا غير مقبول إذا أخذنا بعين الاعتبار تراجع مستوى اللاعب مع تقدمه في السن.

        إن كل مكونات الرجاء ملزمة بإيجاد حلول لأزمة الفريق من خلال الاهتمام بالشأن الداخلي للنادي وتقديم إصلاحات جذرية ودعم المكتب الحالي الذي يقوده رشيد الأندلسي وعدم إعطاء الأولوية لتحقيق نتائج على المدى القصير لأن السياسية التي ينهجها هذا الأخير لاشك ستعطي نتائجها على المدى البعيد فالمكتب يصارع اليوم على ثلاث واجهات، يعمل من جهة على إيجاد صيغة لأداء الديون السابقة ومن جهة ثانية أداء رواتب اللاعبين وموظفيه بالرغم من إمكانياته المنعدمة ومن جهة ثالثة يحافظ على استمرارية النادي من خلال تأهيل اللاعبين الشباب  – بإشراف أطر من أبناء النادي – ودمجهم ضمن الفريق الأول بشكل تدريجي مما سيقدم إضافة للفريق بتسويقهم خارجيا وما يرتبط بذلك من عائد مادي سيخفف من وطأة الأزمة المالية وتعويضهم لمجموعة من ركائز الفريق الذين هم على أعتاب مغادرة الفريق نهاية الموسم الحالي بعد انتهاء عقودهم ومغادرتهم للفريق بشكل مجاني دون أن يستفيد منهم من الناحية المالية ودون أن يحققوا نتائج يمكن اعتبارها بالهامة على الصعيد الرياضي إذ أن الفريق لم يحصل طيلة سبعة سنوات سوى على 3 ألقاب هذا دون أن ننسى أن كل واحد من هؤلاء سيحصل على مبالغ تصل لحوالي نصف مليار سنتيم لكل لاعب.

         إن اتخاذ أي خطوة خارج هذا الإطار والدفع بتغيير الجهاز الإداري  والفني وهي الأكثر احتمالا ستكون وبالا  على الفريق وستؤدي حتما إلى كارثة حقيقية بجميع المقاييس سيكون من الصعب الخروج من تبعاتها وستؤدي إلى مالا يحمد عقباه حينذاك سيعض الجميع على أصابع الندم وساعتها لن ينفع الندم أحدا.

المقالات المشابهة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى