أيت ملول: تنظيم ندوة فكرية حول قراءات نقدية للإصدارات الأمازيغية الجديدة.

أشرف الأستاذ عماد كحمو مدير المركز الثقافي بأيت ملول نهاية الأسبوع الأخير من شهر يناير على افتتاح الندوة الفكرية حول قراءات نقدية للإصدارات الأمازيغية الجديدة. وتندرج هذه الندوة الفكرية في إطار الأنشطة الثقافية والفنية والتراثية التي نظمها المركز الثقافي بأيت ملول خلال الأسبوع الأمازيغي بالموازاة مع احتفالات رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2972 تحت شعار ” إيناير.. تاريخ وحضارة عريقين.”
وشهدت الندوة الفكرية مشاركة كل من الشاعر محمد زوطي من ورززات والشاعر مولاي الحسن الحسيني والناقد حسن أمدوغ من تارودانت بالإضافة إلى الباحث والصحفي الحسن باكريم من أكادير ومن تسيير الإعلامي سعيد الهياق.
وفي مقدمة الندوة تقدم الإعلامي سعيد الهياق ببطاقة شكر وتقدير للأستاذ عماد كحمو مدير المركز الثقافي بأيت على تنظيم هذه الندوة الفكرية من أجل الاحتفاء بالإصدارات الأمازيغية الجديدة 2972، لا سيما في هذه الظروف العصيبة جراء انتشار وباء كورونا. وبالتالي فإن الجرأة في تنظيم هذه الندوات الفكرية بالحفاظ على البروتوكول الجاري به العمل القاضي بتقليص عدد الحضور مع الالتزام بالتباعد الجسدي هو في حد ذاته تحدي لإعادة الروح الفضاءات الثقافية وإعطاء دينامية وحركية للشأن الثقافي. كما تقدم بكلمة ترحيبية في حق الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية التي واصلت المتابعة الإيجابية بعد أكثر من ساعتين من الندوة الفكرية الأولى تحت عنوان ” قراءة أنثروبولوجية حول التقويم الأمازيغي”
وبعد تقديم بطاقة تعريفية بإيجاز عن المشاركين في الندوة الفكرية، قدم الناقد حسن أمدوغ قراءة نقدية للديوان ” تيلاّس نْ وايّور ” للشاعر محمد زوطي. وجاء في تقديمه للشاعر: ” كما يشتد الرعد في الليالي الممطرة،. تبرق السماء وميضاً من العطاء، وتزلزل الأرض في بحر الكلمات الموزونة الصادقة، تجد الشاعر الأمازيغي، المزوبِع، يقصف، يكسر، يجذف في القصيدة في كونية روحية عالية، ماسكاً بلورات اللغة القديمة الجديدة الجيدة، تجد الرائد محمد زوطي بلسماً لكل تيارات الضغف. هو فحل الشعر من فحول الشعر الأمازيغي، فارس يجيد امتطاء صهوة القصيدة، ويتقن الإمساك بلجام الوزن وجماح الكلمة على شاكلة فرسان الشعر الأمازيغي.”
بنى الشاعر محمد زوطي عنوان ديوانه الشعري الأمازيغي ” تيلاس ن وايور ” ظلام القمر من مركب إضافي بين اسمين (تلاس: ظلام/ أيور: القمر)
إذ نسب الظلام إلى القمر، والإضافة نسبة المتضايفين. فالعنوان من حيث التركيب يخلق نوعاً من الإثارة لدى القارئ، لأن المعتاد والمعهود عند عامة الناس هو ربط القمر بالنور والضياء والجمال رغم أنه كوكب مظلم وليس نجماً. فورد كلمة (اللي/ظلام) وإضافتها إلى القمر تفاجئ المتلقي وتثير في نفسه أسئلة من قبيل:

لماذا ظلام القمر ؟ هل المراد بالقمر هو القمر نفسه ؟ هل الظلام ظلم ؟
وهنا يلعب العنوان دوره وتأثيره في الملتقي إذ ينزاح به ويولد فيه رغبة فضول أو اكتشاف لِوُلوج عالم النص/ الديوان.
وتناول الشاعر محمد زوطي بجرأة مباشرة بعض القضايا الساخنة التي تخص الديمقراطية والتنمية والحداثة، وكل المعيقات ليس وسط دروب الإطارات المحدودة لكنه يتجاوزها إلى حدود اللاحدود في جغرافيا بلا ظل، التي تقف دون الوصول إليها واعتبار الظلم كونياً من بينها:

و ديوان ” أصينصك ن ويزوكن”مجموعة من النصوص الأمازيغية كتبها الشاعر في فترات متباينة وسماها خواطر. وقد وضع لها عناوين موحية حبلى بالمعاني الواضحة والبهمة في نفس الوقت. مزينة بغموض فني جميل. تمتح من أغوار الذات الشاعرة. تظهر مدى شساعة فضاء احتمالات المعاني والتوقعات التي تنفتح عليها هذه النصوص. وما كان ذلك ليتأتى لولى غنى وعمق التجربة الشعورية وأصالتها. كما أن هذه النصوص لامست عدة جوانب من الحياة الذاتية والموضوعية للشاعر.
فتناول تيمة الحرية والهوية.. الانتماء والأخوة والصداقة والأبوة. كما تناول موضوع الجوع والفقر والتفاوت الطبقي. بالإضافة إلى موضوع التراث والطبيعة. وخصص نصوصاً للنقد وإبداء الرأي بثورية وترميز فني جميل في مجموعة من القضايا الاجتماعية والسياسية.
إلى جانب الزخم والغنى على المستوى الموضوعاتي فإن الشاعر اشتغل أيضاً على اللغة الأمازيغية إن على مستوى المعجم أو على مستوى التركيب.
فعلى المستوى الأول عمد الشاعر مولاي الحسن الحسيني إلى نفض غبار النسيان على ألفاظ كانت نائمة فأيقظها وأدت وظائفها التعبيرية بكل اقتدار مثل: أسكَرد، تضيش، اكمس، البوشارت، تسكوبر، تسقوري.
أما على مستوى التركيب: سبربرات أوال، وأسننوتف ن وار إفنزي غ السوق. وهنا نلاحظ قدرة عجيبة على دمج ألفاظ من حقول دلالية متنوعة لتؤدي معاني أخرى بعيدة وقريبة منها ما يعجز العقل على تتبع كل امتداداتها. ودون إغفال ما تشمله النصوص من حكم وقيم إنسانية: ” تودرت لي دور إكين أسكرد.. أور تيتكي/ ءورا إيتنودوم ءور كاز إغ مكرم”
وفي الختام فإن ديوان ” أصينصك ن ويزوكن” تجربة شاعر أمازيغي حقيقي. وتشكل إضافة نوعية ومتميزة للكتابة الشعرية الأمازيغية. وستقف إلى جانب التجارب الشعرية الأمازيغية نداً لِند كي يحكم القارئ عليها ويبوئها المكانة التي تستحقها.
وبدوره تفضل الشاعر مولاي الحسن الحسيني بقراءة شعرية أعادت إلى الأذهان قصائد مجد رواد الشعر الأمازيغي الغابر.
وكان مسك ختام القراءات النقدية، قراءة نقدية للناقد محمد بليهي لكتاب
” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة” لمؤلفه الصحفي الحسن باكريم الباحث في سلك الدكتوراه. ولظروف طارئة تعذر على الناقد محمد بليهي حضور الندوة فبعث بها إلى مسير الندوة الإعلامي سعيد الهياق الذي تكلف بقرائتها نيابة عنه، والتالي جاءت كالآتي:
في حلة أنيقة وجميلة، صدر للكاتب الصحفي الحسن باكريم كتاب تحت عنوان ” قضايا الأمازيغية بعد الدسترة ” – حوارات في موضوع الأمازيغية – بين 2013 و 2020عن منشورات نبض المجتمع (2021)
ونحن هنا في هذا الثقافي الدافئ الذي نظمته المديرية الإقليمية لوزارة للثقافة المندرج ضمن ” ملتقى التراث الأمازيغي ” والذي جاء تحت شعار ” إيناير…تاريخ وحضارة عريقين ” بمناسبة الإحتفال بالسنة الأمازيغية 2072؛ من أجل تقديم قراءة تقديمية تمهيدا لتوقيعه من طرف مؤلفة.
إذن لابد ان نتساءل – وهذا حقنا كمتلقين – عن هوية وماهية الكتاب الذي بين أيدينا ؟ وما هي أهميته وقيمته الفكرية والمعرفية والعلمية ؟ وما هي المراحل التي قطعها ؟ وماهي التحديات والصعوبات التي أعترضت مؤلفه قبل ان يخرج للوجود ؟

بقلم سعيد الهياق//

Exit mobile version