عبد الرحيم الصالحي/
هذا العام لن نشتري الشجرة، ولن نعلق الأماني والآمال على أوراقها الخضراء، هذا العام لن نعانق الثلوج ولن يزورنا بابا نويل، هذا العام عام استثنائي و”الكريسماس” ثانوي بعدما اكتسحت كورونا الأنظار واحتلت الصدارة، هذا العام ستعلق الصلوات المسيحية وستخلو الكنائس من المصلين إلا قليلا، وسينتهي مخلفا ملايين القتلى عبر العالم.
تعلق شوارع العالم اليوم احتفالاتها بعيد الميلاد وتنتظر نهاية الغزو الجرثومي، فلن تتزين الشوارع بالمارة كما كانت، ولن تتعطر بعطر النساء الأجواء في جادة “الشانزليزي” كعادتها، ولن نسمع صوت الجرس في برلين، أما الشتاء فحزين تتربص فيه الجائحة بالفرح فتجعله غثاء وكأنك تنتظر خروج “الزومبي” فتعيش الرهبة منتظرا ما قد تجود به الأخبار.
خلفت الجائحة ولا تزال حالات نفسية متأزمة تعاني رهاب الموت في كل ثانية وأجزاها، ويأتي “الكريسماس” معانقا أملا في غد يحمل خبر نهايتها، فتأبى إلا أن تعكر أفراحنا، وتعانق فيه السنة الميلادية الجديدة بوجوه تعلوها الكآبة.
تأتي أعياد الميلاد هذه السنة وماما أمريكا تحصي موتاها يوميا بالآلف وتنظر في اللقاح الجديد خير خلاص، فتأبى بريطانيا بعد تتطور الجرثومة إلا أن تشل حركتها الاقتصادية فتغلق الحدود من جديد، في حين يترنح الاتحاد الأوروبي بين غالق للحدود ومصعد للإجراءات الاحترازية علها تقلل من انتشاره خلال أيام العيد. وتأبى دول “الصامبا” أن تنكس خطواتها الراقصة بعد حصد المئات من الأرواح لترقص حزنا على جثثهم ولعلها تفعل.
كما ينخرط العالم العربي؛ بعد ما جعل من رأس السنة الميلادية عيدا له؛ في الاحتفال بصمت في ظل ارتفاع الحالات الوبائية، معلنا بدوره استنفارا أمنيا في غالبيتها، ومنها المغرب الذي شدد على الإغلاق رغم ارتفاع أصوات مهنيي قطاع المقاهي والفنادق مطالبة برفع ساعات العمل إلا أن الحالة الوبائية تستعصي الانصياع ولو على حساب الاقتصاد.
لا تزال معركة العالم مستمرة مع “الكوفيد” الذي يأبى الانصراف عنيدا في أعياد الميلاد، متحديا كل العلوم والمختبرات، فهل من كاشف للغم نستغيث به غير الله، فنرفع له أكف الدعاء مسلمين ومسيحيين ونصارى.. آملين منه رفع الداء وإحلال السلام.