غير مصنف

بقلم الدكتور محمد بنعبد الله

رمضان وتربية الضمير …تأمل … نمارس الصوم ولا رقيب علينا إلا ضمائرنا المؤمنة … وكأنما يدربنا ربنا بالصوم على نوع من الحكم الذاتي الذي نراقب فيه أنفسنا بأنفسنا دون ما حاجة إلى قوانين أو أجهزة متابعة بشرية … هذا الضمير الحارس الذي يستمد صحوته وتألقه من رقابة الله جل وعلا، يظل دائما متقد الشعلة، موصول الضياء، باسطا سلطانه على الإنسان، والصوم في تعريفه كف عن الشهوة وعزوف عن الطعام والشراب … ولا تجد النفس أشق ولا أقسى من تنازلها عن شهواتها الحلال إرضاء لله وابتغاء ما عنده من الثواب لذلك كانت في أمس الحاجة إلى الضمير أو النفس اللوامة، ولو ارتفعت تلك الرقابة عن الصائم لحظة واحدة لأكل وشرب وتنعم وتلذذ في رمضان متخفيا عن أعين الناس ثم يبرز إلى المجتمع بعد ذلك لابسا شارة الصائمين فمن ذا الذي يستطيع أن يكشف أمره؟ بل من ذا الذي يميز بين صائم ومفطر؟ إنه الضمير المؤمن الحي … يظل متيقظا عاملا آمرا زاجرا يكافح الشهوات ويدعم الطاعات في السر والعلن … وما أحوج المجتمع كله إلى أصحاب الضمائر الحية، وما أروع أن يعيش الناس جميعا تحت مظلة الضمير!!! وإذا صح أن الصوم يربي في الصائم شعور المراقبة ويوقظ ضميره الحي، فما أحرى أن يستصحب المسلمون رقابة ضمائرهم طوال العام…. لا في رمضان فحسب … وما أجدر أن نتقي الله ونراقبه في كل موقع في أعمالنا وأقوالنا، في سلوكنا ومقاصدنا وبذلك يتطهر المجتمع من كل فساد وانحراف …آه لو تألقت رقابة الضمير في مجتمعات المسلمين لما وجدنا بينهم من يتآمر على بلده أو يستغل موقعه من السلطة أو ينفق أموال الدولة في سبيل الشيطان …لو بسط الضمير رقابته على الناس لما وجدنا من يزور أو يرتشي أو يسرق أو يعبث بكرامة الوطن أو يتجر بهمومه ومصائبه …لو عاش الناس تحت مظلة الضمير لما انحرفت أقلام وزلت أقدام …وما تغيرت الحياة وحدث البلاء والوباء ووجدت الخيانة وانتشر الظلم إلا يوم ضعفت رقابة الله في قلوب البشر وأصبح جسد الإنسان خاوي من الضمير الحي والقيم النبيلة …قال الله تعالى : ” ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا، ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة، إن الله بكل شيء عليم ” – المجادلة 7 -اللهم ارزقنا خشيتك في السر والعلن … اللهم آمين يارب العالمين بقلم : الدكتور محمد بنعبد الله سفير الإبداع والأمل والسلام العالمي

المقالات المشابهة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى